في تصعيدٍ عسكري هو الأخطر منذ عقود في منطقة البحر الكاريبي، كثّفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عملياتها العسكرية ضد فنزويلا تحت ذريعة “مكافحة إرهاب المخدرات”، ما أثار حالة من التأهّب والاستنفار في الدولة الواقعة بأمريكا اللاتينية، وأعاد إلى الأذهان شبح مواجهة عسكرية شاملة بين واشنطن وكاراكاس.

فنزويلا تستنفر لحرب تقترب من أمريكا

فبينما ترى تحليلات أن المنطقة تقف فعليًا على “حافة الحرب”، في ظل حشد القوات الفنزويلية وتوسّع العمليات الأمريكية التي شملت إرسال حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد فورد” وعددًا من المقاتلات الشبحية وسفن المراقبة، يعتقد آخرون أن الأمر لا يزال في إطار المناوشات والضغوط السياسية والعسكرية، دون وجود قرار نهائي بالتصعيد الشامل.

وفي الوقت الذي حذّرت فيه صحيفة الجارديان من أن نشر مجموعة حاملة الطائرات الضاربة يمثل “أوضح إشارة” على نية واشنطن توسيع نطاق حملتها، شهدت المنطقة بالفعل سلسلة من الضربات الأمريكية ضد زوارق يُشتبه بانتمائها لعصابات تهريب المخدرات الفنزويلية، وأسفرت عن مقتل العشرات.

فقد أعلنت الولايات المتحدة في منتصف أكتوبر 2025 عن مقتل ستة مهربين مشتبه بهم قبالة السواحل الفنزويلية، ما رفع عدد القتلى إلى 27 شخصًا منذ سبتمبر الماضي، في عمليات وصفتها بعض الأوساط بأنها “تصعيد عسكري” أكثر منها “مكافحة تهريب”.

مناورات عسكرية ورسائل نارية للولايات المتحدة

وفي المقابل، اعتبر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أن أي حرب مع الولايات المتحدة ستعني “تلطيخ أيدي واشنطن بالدماء”، مؤكّدًا أن بلاده “لن تتراجع أمام أي عدوان” وأن القوات الفنزويلية في حالة جاهزية قصوى للدفاع عن السيادة الوطنية. وقد كثفت كاراكاس من انتشارها العسكري على السواحل وأعلنت عن مناورات بحرية وجوية مشتركة، في رسالة واضحة مفادها أن فنزويلا مستعدة للرد على أي خرق لأراضيها أو مياهها الإقليمية.

ويرى مراقبون أن التحركات الأمريكية، بما في ذلك تفويض ترامب لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA) بتنفيذ عمليات سرّية داخل فنزويلا، تحمل أبعادًا سياسية تتجاوز ذريعة مكافحة المخدرات، حيث تهدف – وفق بعض التقديرات – إلى زعزعة نظام مادورو ودعم قوى المعارضة في الداخل، ضمن استراتيجية أوسع لاستعادة النفوذ الأمريكي في أمريكا اللاتينية.

ورغم ذلك، تواجه إدارة ترامب انتقادات داخلية حادّة بشأن شرعية هذه العمليات، خصوصًا في ظل غياب تفويض من الكونغرس الأمريكي باستخدام القوة العسكرية ضد دولة ذات سيادة. ويحذر بعض أعضاء الكونغرس من أن أي تصعيد واسع قد يتحول إلى مستنقع جديد يشبه حروب الشرق الأوسط، ما يهدد المصالح الأمريكية ويقوّض مكانتها الدولية.

ويرى محللون أن الوضع الراهن يجمع بين الحرب الرمزية والسياسة الواقعية، فواشنطن تسعى لفرض ضغط استراتيجي على كاراكاس دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة، بينما تراهن فنزويلا على التضامن الإقليمي والدعم الروسي والصيني لردع أي تدخل محتمل. ومع ذلك، تبقى المنطقة حبلى بالاحتمالات، حيث إن أي حادثة بحرية أو خطأ ميداني قد يشعل مواجهة أوسع لا يمكن التنبؤ بعواقبها، لتبقى الأزمة بين واشنطن وكاراكاس على فوهة بركان مفتوح.

اقرأ أيضًا:

واشنطن تشدد الضغط على فنزويلا بتحركات عسكرية في الكاريبي وترينيداد وتوباغو تفتح سواحلها