شدّد مسؤولون عسكريون وسياسيون في إيران على جاهزية القوات المسلحة “لمواجهة أي تهديد في البر والجو والبحر”، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والحديث المتكرر عن احتمالات تجدّد المواجهة مع إسرائيل.
وأكدت طهران أن الاستعدادات الدفاعية تسير بالتوازي مع تعزيز التعاون العسكري مع دول منظمة شنغهاي للتعاون، ضمن ما تصفه بسياسة “الأمن الإقليمي الجماعي”.
القوات الإيرانية: جاهزية كاملة على جميع الجبهات
قال اللواء حبيب الله سياري، مساعد شؤون التنسيق في الجيش الإيراني، الجمعة، إن بلاده تمتلك “أفضل شبابها داخل القوات المسلحة، وهم على استعداد تام لمواجهة أي تهديد على الأرض أو في الجو أو البحر”، وفق ما نقلت وكالة مهر الإيرانية.

وأضاف سياري، خلال افتتاح بطولة الرماية بالقوس لجيوش العالم (CISM 2025) في طهران، أن المؤسسات العسكرية “تعمل على تأهيل أفراد أصحاء بدنيًا وذهنيًا لمواجهة تهديدات المستقبل”، مؤكداً أن القوة البشرية المنضبطة تمثل حجر الزاوية في استراتيجية الدفاع الإيراني.
مناورات “سهند 2025” لمكافحة الإرهاب بمشاركة دول منظمة شنغهاي
في موازاة هذه التصريحات، أعلنت طهران عن تنظيم مناورات عسكرية مشتركة لمكافحة الإرهاب تحت عنوان “سهند – مكافحة الإرهاب 2025”، والمقرر إجراؤها في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) المقبل قرب مدينة تبريز شمال غربي إيران.
وستشهد المناورات مشاركة دول أعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، التي تضم الصين وروسيا والهند وباكستان ودول آسيا الوسطى، إضافة إلى إيران التي انضمت رسميًا للمنظمة عام 2023.
وأكد أولاربك شارشيف، مدير اللجنة التنفيذية للهيكل الإقليمي لمكافحة الإرهاب التابع للمنظمة، أن الدعوات الرسمية للمشاركة ستُرسل قريبًا، موضحًا أن هذه الفعالية “تأتي ضمن جهود تعزيز الأمن الإقليمي وتبادل الخبرات في مكافحة التطرف العابر للحدود”.
ويعتبر مراقبون أن المناورات المقبلة تحمل بعدًا سياسيًا واضحًا يتجاوز الإطار العسكري التقليدي، إذ تهدف إلى إبراز التنسيق بين القوى الأوراسية الكبرى في مواجهة الضغوط الغربية وتوازن النفوذ في المنطقة.

بزشكيان: الشعب الإيراني سيبني مستقبله رغم الضغوط
سياسيًا، سعى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى طمأنة الشارع الإيراني، مؤكدًا في ختام زيارة لمحافظة أذربيجان الغربية أن الشعب الإيراني “بحكمته وصبره، سيتجاوز الصعوبات بعزة وفخر ويبني مستقبلاً مشرقاً للبلاد”.
وأضاف بزشكيان، بحسب وكالة تسنيم التابعة للحرس الثوري، أن “أعداء إيران يسعون إلى بث اليأس والضغط عبر العقوبات، لكن الحكومة تعمل على تطوير مشاريع الطاقة الشمسية والرياح لتقليل الاعتماد على النفط وتعزيز الاكتفاء الاقتصادي”.
ويأتي هذا الخطاب في وقت تواجه فيه إيران ضغوطاً اقتصادية متزايدة نتيجة العقوبات الغربية، وتراجع عائدات النفط، ما يدفع الحكومة إلى التركيز على مشاريع الطاقة المتجددة كجزء من استراتيجية “الصمود الاقتصادي”.
الحرس الثوري: القوة الناعمة ركيزة الصمود الوطني
من جانبه، دعا الرئيس السابق لاستخبارات الحرس الثوري الإيراني، حسين طائب، إلى تعزيز “القوة الناعمة” باعتبارها ركيزة استراتيجية في مواجهة الحرب النفسية التي تتعرض لها البلاد.
وقال طائب، في تصريحات لوكالة نور نيوز، إن “الأمل بالمستقبل والثقة بالسيادة والتلاحم الاجتماعي تشكل منظومة القوة الناعمة لإيران”، مضيفًا أن “الاستعداد العسكري وتلاحم الشعب عنصران أساسيان في مواجهة الضغوط الإسرائيلية والغربية”.
ويرى محللون أن طهران تحاول من خلال هذا الخطاب الربط بين التعبئة العسكرية والتماسك الداخلي، في إطار ما تسميه “المقاومة المتكاملة” التي تجمع بين الردع الأمني والمرونة السياسية.

“مهر” تهاجم دعاة التفاوض: المقاومة هي البديل
في سياق متصل، نشرت وكالة مهر الحكومية تقريرًا مطولًا انتقدت فيه ما وصفته بـ“الخطاب التفاوضي” مع الغرب، معتبرة أنه يضعف موقف إيران الاستراتيجي.
وقالت الوكالة إن “بعض التيارات السياسية والإعلامية تحاول إقناع الرأي العام بأن الحل للأزمة الاقتصادية يكمن في العودة إلى طاولة المفاوضات مع الغرب”، مشيرة إلى أن هذا النهج “يفتح الباب أمام تدخلات تمس الخطوط الحمراء للبلاد”.
وأكد التقرير أن “السياسة البديلة تقوم على المقاومة الفاعلة والدبلوماسية المتوازنة كما حدّدها المرشد الأعلى علي خامنئي”، موضحًا أن إيران تفضّل “توسيع علاقاتها مع الجيران والقوى الصاعدة بدلاً من انتظار تغيّر مواقف الغرب”.
اقرأ أيضًا:
واشنطن تشدد الضغط على فنزويلا بتحركات عسكرية في الكاريبي وترينيداد وتوباغو تفتح سواحلها
بين الجاهزية العسكرية والمقاومة السياسية
تأتي هذه التصريحات والمواقف في وقت تتزايد فيه التهديدات الإقليمية والتوترات مع إسرائيل، وسط مؤشرات على سباق نفوذ متصاعد في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
وبينما تسعى طهران لإظهار قدرتها العسكرية وتماسكها الداخلي، فإن رهانها على “المقاومة الفاعلة” و”الدبلوماسية المتوازنة” يعكس توجهًا نحو تعزيز المحور الآسيوي في مواجهة الغرب، في ظل واقع اقتصادي ضاغط وتحديات سياسية متصاعدة.
