في خطوة غير مسبوقة منذ بدء الحرب الأخيرة على غزة، وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على دخول فريق مصري متخصص إلى قطاع غزة، للمساعدة في تحديد مواقع جثث رهائن إسرائيليين يُعتقد أنهم ما زالوا تحت الأنقاض في مناطق مختلفة من القطاع المدمر.
موافقة شخصية من نتنياهو
وقالت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، نقلاً عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن دخول فريق مصري “تم بموافقة شخصية من نتنياهو”، موضحةً أن الفريق “فني بحت”، ومهمته تقتصر على تحديد أماكن جثث الرهائن دون أي مشاركة ميدانية في العمليات العسكرية.

وأضاف المكتب في بيان رسمي: “الفريق المصري سيدخل فقط لتحديد أماكن جثث الرهائن، بالتنسيق الكامل مع الجهات الإسرائيلية المختصة.”
قافلة مصرية تدخل غزة عبر كرم أبو سالم
وأظهرت لقطات مصورة بثتها وكالة فرانس برس، ليل السبت، قافلة من الشاحنات والمركبات المصرية وهي تدخل إلى خان يونس جنوبي قطاع غزة، تحمل آليات ثقيلة ومعدات بحث وإنقاذ.
وأكد مصدران عسكريان مصريان للوكالة أن القافلة كانت عند معبر كرم أبو سالم بانتظار التصاريح النهائية للعبور إلى القطاع.
من جانبها، نقلت قناة القاهرة الإخبارية أن الفريق المصري “في طريقه إلى غزة” مساء السبت، فيما ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي صباح الأحد أن معدات إضافية من مصر ستدخل خلال اليوم، لمواصلة عمليات تحديد مواقع جثث الرهائن بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي.

تعاون استخباري بين إسرائيل ومصر لتوجيه عمليات البحث
ووفقًا لما بثته القناة 12 الإسرائيلية، فقد زودت كل من إسرائيل وحركة حماس الفريق المصري بمعلومات استخباراتية متقاطعة حول المواقع المحتملة لدفن الرهائن، لتسهيل عملية البحث.
وأضافت القناة أن إسرائيل وافقت على هذا التعاون الاستثنائي بعد ضغوط من وسطاء إقليميين ودوليين، من بينهم الولايات المتحدة ومصر، بهدف تسريع استعادة الجثث تمهيدًا لاستئناف المفاوضات حول ملفات إنسانية أوسع.
تركيا كانت قد عرضت إرسال فريق إنقاذ
وفي تطور سابق، كشف مسؤول تركي في 17 أكتوبر الماضي أن أنقرة أرسلت فريقًا مكوَّنًا من 81 عنصر إنقاذ إلى مصر بانتظار دخول غزة لتحديد مواقع جثث الرهائن، إلا أن إسرائيل رفضت منحه الإذن بالدخول، في ظل رفضها أي دور تركي مباشر في القطاع، بحسب ما نقلته وسائل إعلام تركية حينها.
ينص اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس على إعادة جميع الرهائن المتبقين لدى الحركة، سواء كانوا أحياء أو أمواتًا، وعددهم 48 رهينة عند توقيع الاتفاق، مقابل إفراج إسرائيل عن نحو ألفي أسير فلسطيني.

لكن حتى الآن، لم تُعد حماس سوى رفات 15 رهينة من أصل 28 تأكد مقتلهم، فيما لا تزال 13 جثة أخرى مفقودة ويُعتقد أنها مدفونة تحت أنقاض المباني المدمرة في أنحاء القطاع.
وطالبت حماس خلال الأسابيع الماضية بمعدات فنية ومساعدة دولية للبحث عن الجثث، إلا أن إسرائيل رفضت السماح بدخول فرق أجنبية، معتبرة أن “حماس قادرة على تحديد مواقع الجثث بنفسها”.
اقرأ أيضًا:
الفصائل الفلسطينية تتفق في القاهرة على تسليم إدارة غزة للجنة تكنوقراط وتدعو لتفعيل منظمة التحرير
ضغوط أمريكية ومؤشرات على تقدم
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن إسرائيل تدرك أن حماس تحتفظ بمعلومات مؤكدة عن أماكن دفن الجثث، لكنها “ترفض الكشف عنها عمدًا”، بهدف الضغط السياسي والإعلامي على تل أبيب.
وأضاف التقرير أن مسؤولين أمنيين إسرائيليين أبلغوا عائلات بعض الرهائن القتلى بـ”الموقع العام” الذي يُعتقد أن جثامين ذويهم موجودة فيه داخل غزة.
كما نقلت القناة عن مصادر إسرائيلية تقديرات تفيد بأن حماس قد تُعيد جثتين إضافيتين الأحد، بعد ضغوط من وسطاء دوليين ومهلة منحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمتد لـ48 ساعة لاستئناف عملية استعادة الجثث ضمن إطار أوسع للتفاهمات الإنسانية.

وتُعد موافقة إسرائيل على دخول فريق مصري فني إلى غزة سابقة دبلوماسية وإنسانية منذ اندلاع الحرب، إذ تُظهر درجة عالية من الثقة والتنسيق الأمني بين القاهرة وتل أبيب، رغم التعقيدات الميدانية والسياسية المحيطة بالقطاع.
ويرى محللون أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام مزيد من التعاون الإنساني في ملفي الرهائن والمساعدات، وربما تمهد الطريق لمفاوضات جديدة برعاية مصرية خلال الأسابيع المقبلة.
