أعلن المجلس الدستوري في الكاميرون، مساء الإثنين، فوز الرئيس بول بيا بولاية ثامنة تمتد لسبع سنوات، بعد حصوله على 53.66% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وسط تصاعد التوترات السياسية والاحتجاجات في عدد من المدن.
ويثير هذا الفوز مجددًا الجدل حول مستقبل البلاد السياسي، بعد أكثر من أربعة عقود من حكم بيا الذي يعدّ أقدم زعماء العالم بقاءً في السلطة.

المعارضة ترفض النتائج وتعلن فوزها
في المقابل، أعلن مرشح المعارضة الرئيسي عيسى تشيروما باكاري فوزه بالانتخابات، مؤكدًا أن النتائج الرسمية “لا تعكس إرادة الناخبين”.
وكتب تشيروما، في منشور على صفحته في «فيسبوك»، أن مدنيين تجمعوا خارج منزله في مدينة جاروا شمالي البلاد تعرضوا لإطلاق نار من قبل قوات الأمن، دون أن يتسنَّ التحقق من روايته بشكل مستقل، فيما لم تصدر الحكومة الكاميرونية تعليقًا رسميًا على الحادث حتى مساء الإثنين، بحسب وكالة رويترز.
ويُذكر أن تشيروما، الذي كان في السابق وزيرًا ومتحدثًا باسم الحكومة، انشق عن الرئيس بيا في وقت سابق من هذا العام، وخاض الانتخابات مدعومًا من ائتلاف يضم أحزاب معارضة وجماعات مدنية، واستطاع حشد جماهير واسعة في عدد من المدن الكبرى.
اشتباكات في دوالا وسقوط ضحايا
وعقب إعلان النتائج، شهدت مدينة دوالا – كبرى مدن الكاميرون – اشتباكات عنيفة بين أنصار المعارضة وقوات الأمن، أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين، وفق ما أعلن صمويل ديودوني إيفاها ديبوا، حاكم منطقة ليتورال التي تضم المدينة.
وقال ديبوا إن متظاهرين “هاجموا مركز شرطة نكولولون وعددًا من المرافق الأمنية”، مؤكدًا أن “عدة أفراد من قوات الأمن أصيبوا، بينما فقد أربعة أشخاص حياتهم للأسف”.

وأضاف الحاكم أن الدعوات إلى التظاهر التي أطلقها مرشح المعارضة “غير مسؤولة”، خصوصًا في ظل حظر السلطات للتجمعات العامة وفرضها قيودًا مشددة على الحركة في مختلف أنحاء البلاد.
وشهدت شوارع دوالا إطلاقًا كثيفًا للغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية، حيث عرض متظاهرون فوارغ طلقات رصاص قالوا إنهم جمعوها قرب مركز الشرطة.
وقال أحد المتظاهرين – طلب عدم الكشف عن اسمه – إن إطلاق النار بدأ بعد وابل من القنابل المسيلة للدموع، مضيفًا: “أطلقوا النار مباشرة، وسقط ثلاثة أشخاص أمامنا”.
احتجاجات في مدن أخرى رغم الحظر
ورغم حظر التجمعات العامة، خرج مئات من أنصار المعارضة في عدة مدن كبرى استجابة لدعوة تشيروما للتظاهر السلمي.
ورفعت الشرطة حالة التأهب في العاصمة ياوندي ومدن أخرى، في حين انتشرت وحدات من الجيش في مناطق شمال وغرب البلاد تحسبًا لأي تصعيد.
وقال مراقبون إن الاحتجاجات قد تتوسع خلال الأيام المقبلة، خصوصًا في ظل رفض المعارضة الاعتراف بشرعية الرئيس بيا، وتأكيدها امتلاك أدلة على “تزوير واسع” شاب العملية الانتخابية.
بول بيا.. 42 عامًا في الحكم
تولى الرئيس بول بيا السلطة في الكاميرون عام 1982، خلفًا للرئيس أحمد أهيجو، ومنذ ذلك الحين أحكم قبضته على مؤسسات الدولة السياسية والعسكرية.
وفي عام 2008، ألغى بيا الحد الأقصى لفترات الرئاسة، ما سمح له بالترشح مجددًا مرات عدة، والفوز في جميع الانتخابات التي خاضها بفوارق مريحة.

ويبلغ بيا حاليًا 92 عامًا، وبفوزه الجديد يُتوقع أن يظل في الحكم حتى بلوغ عامه المئة تقريبًا إذا أكمل الولاية كاملة، ما يجعله أطول الزعماء الأفارقة بقاءً في السلطة.
وقال كليمنت أتانغانا، رئيس المجلس الدستوري، خلال تلاوته النتائج الرسمية:
“أُعلن أن الرئيس المنتخب لجمهورية الكاميرون هو المرشح بول بيا.”
اقرأ أيضًا:
محمود عباس يمهّد لخلافته| حسين الشيخ رئيساً مؤقتاً للسلطة الفلسطينية في حال شغور المنصب
انقسام سياسي ومخاوف من تصعيد
يخشى مراقبون من أن تؤدي الأزمة الحالية إلى موجة عنف سياسي جديدة في البلاد التي تعاني أصلًا من اضطرابات أمنية في مناطقها الشمالية والغربية بسبب الحركات الانفصالية.
ويرى محللون أن استمرار حكم بيا في ظل تدهور الأوضاع المعيشية والفساد المنتشر قد يزيد الاحتقان الشعبي ويدفع نحو اضطرابات أوسع، خاصة مع تصاعد نفوذ المعارضة بعد حملة تشيروما التي أعادت الزخم إلى الشارع السياسي الكاميروني.
مع فوز بول بيا بولاية ثامنة، تدخل الكاميرون مرحلة جديدة من الانقسام السياسي والتحديات الأمنية، فيما تتجه الأنظار إلى رد فعل المعارضة والمجتمع الدولي حيال النتائج المثيرة للجدل.
وبينما يحتفل أنصار بول بيا بما يعتبرونه “انتصارًا للاستقرار”، يصرّ معارضوه على أن البلاد بحاجة إلى تغيير حقيقي بعد أكثر من أربعة عقود من الحكم المتواصل.
