عاشت طيور البطريق العملاقة قبل ما يقرب من 57 مليون سنة على الأرض، في الفترة الأخيرة من العصر الباليوسيني، وكان يبلغ طولها سبعة أقدام تقريبًا ووزنها نحو 350 رطلًا (حوالي 200 كجم).. ولكن لماذا انقرضت؟!
لماذا انقرضت طيور البطريق العملاقة؟
في عصور ما قبل التاريخ، كانت البطاريق من ضمن الكائنات ذات الأحجام العملاقة، بما في ذلك حيوان الكسلان الذي بلغ حجم الفيل، والثعابين التي يبلغ طولها 50 قدمًا، والأرماديلو بحجم السيارات.
اكتشف العلماء أحافير عملاقة يصل طولها إلى مترين، وهي بحجم إنسان بالغ، وكانت تعيش قبل ملايين السنين. وهذه البطاريق العملاقة، مثل “بطريق كيميمانو” الذي عاش في العصر الباليوسيني قبل حوالي 60 مليون سنة.
كانت تلك الطيور تمتلك هياكل قوية وأجنحة كبيرة تساعدها على السباحة بكفاءة عالية في البحار الباردة، حيث كانت تنافس كائنات أخرى على الموارد البحرية.
ويشير الباحثون إلى أن حجم الطيور العملاقة ربما كان تكيفًا بيئيًا. فالأحجام الكبيرة قد منحتها القدرة على الغوص لعمق أكبر والوصول إلى مصادر غذاء غنية في المحيطات، مثل الأسماك والحبار. كما أن الحجم الكبير قد وفر لها الحماية من المفترسات البحرية، بالإضافة إلى مساعدتها على الاحتفاظ بالحرارة في المياه الباردة، وهي ميزة ضرورية للعيش في البيئات شبه القطبية.
وبمرور الوقت ومع تغير البيئة وانقراض العديد من الكائنات العملاقة، اختفت البطاريق العملاقة، ليبقى لنا ما نعرفه اليوم من أنواع أصغر حجمًا تتكيف مع بيئتها بطرق مختلفة.
اكتشافات الخبراء على مدار سنوات
في عام 1990، اكتشف العلماء في القارة القطبية الجنوبية نوعًا ضخمًا من طيور البطريق يُدعى “باليوديبتس كليكوسكي” قبل انقراضه منذ حوالي 37 مليون عام.
وكان هذا العملاق يبلغ ارتفاعه حوالي سبعة أقدام – وهو ما يجعله أطول من العديد من لاعبي كرة السلة المشهورين. وعلى مدار سنوات، احتفظ هذا العملاق بالرقم القياسي لأكبر أنواع البطاريق في التاريخ.
وفي عام 2017، اكتشف الباحثون في نيوزيلندا نوعًا آخر من طيور البطريق الضخم يُدعى “كوميمانو فورديسي”، وكان وزنه أكثر بحوالي 100 رطل من النوع المكتشف سابقًا.
في عام 2023، اعترفت موسوعة جينيس للأرقام القياسية بنوع “كوميمانو فورديسي”، باعتباره أكبر طائر بطريق على الإطلاق كان يتجول على الأرض.
ولكن يعود أقدم اكتشاف لهذه الطيور العملاقة، بين عامي 1901 و1903، حيث اكتشفت البعثة السويدية للقطب الجنوبي أول حفريات للبطريق على جزيرة سيمور، وهي واحدة من 16 جزيرة بالقرب من طرف أرض جراهام في شبه الجزيرة القطبية الجنوبية. ومنذ ذلك الحين، توافد المزيد من الباحثين إلى الجزيرة لدراسة أنواع البطريق ما قبل التاريخ.
إقرأ أيضًا:
بأعرض لسان في العالم.. محامية أمريكية تدخل موسوعة جينيس

حياة “باليوديبتس كليكوسكي” في عصر الإيوسين
عاش “باليوديبتس كليكوسكي” في القارة القطبية الجنوبية الحديثة خلال عصر الإيوسين، وهي الفترة التي امتدت من 56 إلى 33.9 مليون سنة مضت عندما كانت مستويات الكربون مرتفعة بشكل ملحوظ.
لم تنقرض الديناصورات بحلول هذا الوقت فحسب، بل كانت المناخات في جميع أنحاء العالم دافئة ورطبة ومستقرة نسبيًا، مما سمح لأنواع الحيوانات ما قبل التاريخ بالازدهار.
ظهرت أنواع مختلفة من طيور البطريق في السجل الأحفوري للقارة القطبية الجنوبية خلال هذا الوقت، بما في ذلك “باليوديبتس كليكوسكي” المهيب. وفي ذلك الوقت، منذ حوالي 40 مليون سنة، كان مناخ المنطقة مشابهًا لمناخ “تييرا ديل فويغو” الحالية، الأرخبيل الواقع في الطرف الجنوبي من أمريكا الجنوبية.
وكانت هذه فترة رائعة للبطاريق، عندما عاشت 10 إلى 14 نوعًا معًا على طول ساحل القارة القطبية الجنوبية، حسبما قالت كارولينا أكوستا هوسبيتاليتشي، الباحثة من متحف لا بلاتا في الأرجنتين، لمجلة نيو ساينتست في عام 2014.
ووفقًا لدراسة أجريت عام 2002، أدى تبريد المناخ والتغيرات البيئية الأخرى تدريجيًا إلى التنوع بين أنواع البطاريق في هذه المنطقة.
سمح الحجم الهائل لهذا العملاق بصيد فرائس أكبر حجمًا، والحفاظ على درجة حرارة جسمه في الماء البارد، والغوص بشكل أعمق والبقاء تحت الماء لفترة أطول من نظرائه الحديثين.
وتقدر هوسبيتاليتشي، أن هذا النوع من الطيور الضخمة يمكن أن يبقى تحت الماء لمدة تصل إلى 40 دقيقة، مما يمنحه ميزة تطورية مكنته من الازدهار حتى انقراضه.
طيور البطريق الضخمة الأخرى
لم يكن “باليوديبتس كليكوسكي” النوع الوحيد من البطاريق الضخمة الذي صدم العالم العلمي في السنوات الأخيرة. ففي عام 2017، كان فريق من الباحثين بقيادة آلان تينيسون من متحف نيوزيلندا تي بابا تونغاريوا يحفرون الصخور على شاطئ جزيرة نيوزيلندا الجنوبية عندما اكتشفوا حفريات “كوميمانو فورديسي”.
عاش هذا النوع الضخم بالقرب من نيوزيلندا الحديثة منذ حوالي 57 مليون سنة، بالقرب من نهاية العصر الباليوسيني. وكان يزن حوالي 200 كجم.
ليس من الواضح تمامًا سبب انقراض هذه الطيور الضخمة. ومع ذلك، افترض الخبراء أنها انقرضت عندما بدأت الثدييات البحرية المفترسة في حكم البحار وبدأت إما في صيدها أو التنافس معها على الغذاء والموارد.