قضية مهاجر جزائري جديد أدخلت العلاقات الفرنسية الجزائرية مرحلة جديدة من التوتر بعد اتهام وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، الجزائر بمحاولة “إذلال” فرنسا، وجاء ذلك إثر رفض الجزائر استقبال أحد رعاياها، وهو نعمان بوعلام، المعروف باسم “دواليم”، الذي كان من المقرر ترحيله بعد اتهامه بالتحريض على العنف عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

قضية مهاجر جزائري وتوتر العلاقات مع فرنسا

قضية مهاجر جزائري جديد، اعتُقل بوعلام في مدينة مونبلييه بتهمة التحريض على العنف، وتم وضعه على متن طائرة متجهة إلى الجزائر، إلا أن السلطات الجزائرية رفضت استقباله، مبررة ذلك بمنعه من دخول أراضيها، وأُعيد بوعلام إلى فرنسا في اليوم ذاته، مما أثار استياء الحكومة الفرنسية، حيث وصف وزير الداخلية برونو ريتايو الخطوة بأنها تعكس رغبة الجزائر في “إذلال” فرنسا.

ردود فعل فرنسية

من جهته، صرح وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، بأن بلاده قد تضطر إلى اتخاذ إجراءات حازمة إذا استمرت الجزائر في التصعيد، مشيرا إلى خيارات محتملة تشمل تقليص التأشيرات والمساعدات الإنمائية.

 في السياق ذاته، دعا رئيس الوزراء الفرنسي السابق، غابرييل أتال، إلى مراجعة اتفاقية عام 1968 التي تمنح امتيازات للمهاجرين الجزائريين، مشدداً على أهمية إعادة صياغة العلاقات بين البلدين على أساس الاحترام المتبادل.

قضايا سابقة تعكر صفو العلاقات بين الجزائر وفرنسا

قضية مهاجر جزائري آخر تثير أزمة، ليست هذه الأزمة الوحيدة التي تشهدها العلاقات بين البلدين، فقد تصاعد التوتر مؤخراً حول قضايا أخرى، أبرزها اعتقال الكاتب الفرنسي من أصل جزائري، بوعلام صنصال، في نوفمبر الماضي، وسط اتهامات بعدم تقديمه لمحاكمة عادلة، وأثارت هذه القضية انتقادات واسعة في الأوساط الدولية واعتُبرت نقطة تحول محتملة في العلاقات الثنائية.

تصريحات ماكرون بشأن بوعلام صنصال

تسببت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول قضية الكاتب الجزائري الذي يحمل الجنسية الفرنسية بوعلام صنصال، غضبا عامرا على المستوى الرسمي والسياسي بل والشعبي أيضًا في الجزائر، واعتبرتها الحكومة الجزائرية “تدخلاً صارخاً وغير مقبول في شؤونها الداخلية”.

الجزائر: تصريحات ماكرون بخصوص بوعلام صنصال تدخل في شؤوننا الداخلية

 وفي وقت سابق أعربت الحكومة الجزائرية عن استغرابها الشديد من تصريحات ماكرون، واعتبرتها “إساءة تعكس استخفافاً غير مقبول”. وأضاف البيان: “نستنكر بشدة هذه التصريحات وندينها لما تمثله من تدخل مرفوض في قضية سيادية”. 

وأكدت الخارجية الجزائرية أن قضية بوعلام صنصال “لا تتعلق بحرية التعبير كما يدعي الرئيس الفرنسي، بل هي مسألة قانونية تتصل بالمساس بالسلامة الإقليمية للجزائر، وهي جريمة يعاقب عليها القانون في دولة ذات سيادة”. 

وكان الرئيس الفرنسي قد صرح خلال المؤتمر السنوي للسفراء الفرنسيين أن “الجزائر تسيء إلى سمعتها بعدم الإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال”، واصفاً إياه بأنه “رجل مريض يحتاج إلى العلاج”. وأعرب عن أمله في أن تقوم الحكومة الجزائرية بإطلاق سراحه، مؤكداً على محبة فرنسا للشعب الجزائري وتاريخه. 

يُشار إلى أن صنصال، البالغ من العمر 76 عاماً، قد اعتُقل في مطار الجزائر الدولي في نوفمبر الماضي. ويواجه تهمة تتعلق بالمساس بأمن الدولة وسلامة الوحدة الترابية، استناداً إلى المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، وذلك إثر تصريحات مثيرة للجدل ادعى فيها أن جزءاً من الأراضي الجزائرية كان تابعا لدولة أخرى.

كما زادت الخلافات بين باريس والجزائر حول قضايا سياسية حساسة، مثل ملف الصحراء الغربية وتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن السياسة الاستعمارية الفرنسية، إضافة إلى القيود التي فرضتها فرنسا على منح التأشيرات للمواطنين الجزائريين.

الخارجية الجزائرية ترد: اتهامات بالتضليل وانتهاك الحقوق

في المقابل، اعتبرت الجزائر أن التصعيد الفرنسي يأتي تحت تأثير “لوبي معادٍ للجزائر”، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، وأكدت الجزائر رفضها لما وصفته بالضغوط السياسية الفرنسية، ما يعكس تعقيداً متزايداً في العلاقات الثنائية.

وردت وزارة الخارجية الجزائرية، اليوم السبت، على ما وصفته بـ”حملة فرنسية تستهدف الجزائر”، متهمة أطرافاً في اليمين المتطرف الفرنسي بتبني خطاب الكراهية والتشويه تجاه الجزائر.

وقالت الخارجية الجزائرية في بيان لها: “إن اليمين المتطرف الفرنسي، المعروف بخطاب الكراهية والنزعة الانتقامية، استغل هذه القضية لإطلاق حملة تضليل وتشويه ضد الجزائر، معتقداً أنه وجد ذريعة لتنفيس استيائه وإحباطه”.

وأضاف البيان أن الجزائر لم تسعَ إلى التصعيد أو الإذلال في علاقاتها مع فرنسا، مشيراً إلى أن “اليمين المتطرف وممثليه هم الذين يحاولون فرض ضغائنهم المليئة بالوعيد والتهديد على العلاقات الجزائرية الفرنسية، دون تحفظ أو قيد”.

قضية مواطن جزائري والطرد التعسفي

وأوضحت الوزارة أن القضية بدأت بطرد مواطن جزائري من فرنسا نحو الجزائر، وهو مواطن يعيش في فرنسا منذ 36 عاماً، ويحمل بطاقة إقامة منذ 15 عاماً، كما أنه أب لطفلين من زواج بفرنسية، ويتمتع بعمل مستقر منذ أكثر من 15 عاماً، لافتة إلى أن هذه المعطيات تمنح المواطن حقوقاً كان يمكن أن تُهدر بسبب “قرار الطرد المتسرع والمثير للجدل”.

وأشارت الوزارة إلى أن فرنسا انتهكت بنود الاتفاقية القنصلية الجزائرية-الفرنسية الموقعة عام 1974، موضحة أن السلطات الفرنسية لم تُبلغ الجانب الجزائري بتوقيف المواطن أو اعتقاله أو حتى قرار طرده.

واختتمت الخارجية الجزائرية بيانها بالتأكيد على أن القرار الجزائري برفض استقبال المواطن أتى لضمان حقه في مواجهة الاتهامات الموجهة إليه والدفاع عن نفسه ضمن مسار قضائي عادل ومنصف داخل الأراضي الفرنسية.

تأتي هذه الأحداث تزيد هذه الأحداث من الفجوة بين باريس والجزائر، في ظل تراكم القضايا الخلافية التي تشمل ملفات المهاجرين، حرية التعبير، والسياسات الإقليمية، وبينما يستمر التصعيد، يبقى مستقبل العلاقات بين البلدين رهيناً بمدى قدرتهما على تجاوز التوترات وإيجاد أرضية مشتركة للحوار.

اقرأ أيضًا:

تصريحات ماكرون بشأن بوعلام صنصال تثير غضب الجزائر