أوكرانيا.. نشبت أزمة إنسانية على الحدود بين روسيا وجورجيا بعد أن رفضت السلطات الأوكرانية استقبال قرابة 90 من مواطنيها، بينهم أسرى حرب وسجناء مدنيون، تم ترحيلهم من روسيا، مما أدى إلى بقائهم في منطقة محايدة وسط ظروف معيشية مأساوية تنذر بكارثة إنسانية وحقوقية.

مأزق إنساني في أوكرانيا
وبحسب ما نقلته وكالة “تاس” الروسية، فإن هؤلاء الأشخاص عالقون حاليًا في المنطقة الفاصلة بين معبر “فيرخني لارس” الحدودي وجورجيا، وذلك بسبب امتناع كييف عن تقديم الضمانات القانونية اللازمة لعبورهم ورفضها الاعتراف بهم كمواطنين.
وأكدت فيكتوريا كوليسنيك-لافينسكايا، مفوضة حقوق الإنسان والطفل في الإدارة العسكرية المدنية لمحافظة خاركوف، أن القضية تتعلق بمواطنين أوكرانيين تم ترحيلهم من روسيا بعد انتهاء فترات سجنهم أو بعد وقوعهم في الأسر خلال الحرب.
بعضهم كان قد استسلم للقوات الروسية في أوقات سابقة، بينما رفضوا في المقابل الحصول على الجنسية الروسية، ما جعلهم في موقع “عديم الجنسية فعليًا”.
اقرأ أيضًا
روسيا: 93 مسيّرة أوكرانية أُسقطت خلال الليل والدفاعات الجوية في حالة تأهب
ترحيل قسري دون استلام رسمي
أوضحت كوليسنيك-لافينسكايا أن العديد من هؤلاء الأشخاص، خصوصًا من مقاطعة خاركوف، كانوا قد اعتُقلوا داخل روسيا بتهم تتعلق بالإرهاب أو التعاون مع العدو، وبعد إنهاء مدد محكوميتهم تم ترحيلهم بموجب الإجراءات الروسية. إلا أن الجانب الأوكراني لم يرسل أي وفد لاستلامهم كما تقتضي الاتفاقات المبرمة، ما أدى إلى رفض جورجيا استقبالهم دون ضمان من أوكرانيا، وبالتالي ظلوا عالقين بين الجانبين.

وأضافت: “رغم أن روسيا أنهت إجراءات التسليم من جهتها، فإن الجانب الأوكراني يتعامل معهم باعتبارهم أشخاصًا لا يستحقون العودة، ويماطل في إصدار أي وثائق رسمية تعترف بهم”.
أوضاع غير إنسانية تهدد حياة العالقين
وأشارت المفوضة إلى أن الوضع الإنساني لهؤلاء الأفراد أصبح كارثيًا، حيث يتم احتجازهم في قبو بلا نوافذ أو تهوية، في بيئة عالية الرطوبة تفتقر لأدنى مقومات السلامة الصحية. وقد يؤدي استمرار بقائهم في هذه الظروف إلى تفشي أمراض خطيرة مثل السل وأمراض الجهاز التنفسي.
وتابعت: “لا توجد إمكانية للوصول إلى المتاجر، والطعام والماء المقدم من الصليب الأحمر والمتطوعين لا يكفي لتغطية احتياجاتهم الأساسية، ولا يُسمح لهم بالخروج أو تلقي الرعاية الطبية المناسبة”.
وفي تطور مأساوي، كشفت كوليسنيك-لافينسكايا أن أحد المحتجزين انتحر بتاريخ 21 يوليو، ما يعكس مستوى اليأس والمعاناة النفسية التي يعاني منها هؤلاء الأشخاص نتيجة التهميش والإهمال.
وأضافت: “رغم هذا الانتحار المأساوي، لم تُبدِ السلطات الأوكرانية أي تحرك ملموس أو رغبة في معالجة الوضع بشكل مسؤول. يتم التعامل مع هؤلاء المواطنين كما لو كانوا عبئًا سياسيًا لا أكثر”.
اتهمت المفوضة إدارة كييف بـ”استخدام هؤلاء المواطنين كورقة ضغط سياسي”، بدلاً من الاضطلاع بمسؤولياتها القانونية والإنسانية تجاههم، سواء من حيث الاعتراف بهم أو العمل على إعادتهم بطريقة تحفظ كرامتهم وسلامتهم.
خلفية الأزمة
تأتي هذه القضية في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير 2022، والتي خلفت آلاف الأسرى والمعتقلين بين الجانبين. وفي حين تتم عمليات تبادل الأسرى بشكل دوري، فإن أوضاع المرحّلين والمدنيين العائدين من روسيا إلى أوكرانيا تظل أقل وضوحًا، خصوصًا في ظل التشكيك في نوايا البعض أو تخوف كييف من تسلل عملاء أو متعاونين مع موسكو.