تستعد إسبانيا لمواجهة واحدة من أكثر موجات الحر شدة هذا الصيف، حيث تشير التوقعات إلى أن درجات الحرارة ستشهد ارتفاعًا كبيرًا خلال الأيام القليلة المقبلة، قد تصل معه إلى 45 درجة مئوية في بعض المناطق، خاصة في الجنوب، وفقًا لما أعلنته وكالة الأرصاد الجوية الوطنية الإسبانية “إيميت” اليوم الاثنين.

وتأتي هذه الموجة الحارة في بعد فترة من الاعتدال النسبي في شهر يوليو الماضي، والذي اتسم بدرجات حرارة أقل من معدلاتها الموسمية في بعض المناطق، ما جعل المواطنين والسائحين يعتقدون أن صيف 2025 سيكون أكثر لطفًا من المعتاد، قبل أن تعود الطبيعة لتقلب التوقعات رأسًا على عقب.
ذروة الحرارة في إسبانيا اليوم وغدًا
أوضحت وكالة “إيميت” أن ارتفاع درجات الحرارة سيكون تصاعديًا ومتسارعًا، متوقعةً أن تشهد ذروة الموجة الحارة اليوم الاثنين وغدًا الثلاثاء، مع تسجيل درجات حرارة تقترب من الـ45 درجة مئوية في بعض المناطق الداخلية والجنوبية من البلاد، بما في ذلك الأندلس وإكستريمادورا ومنطقة مدريد.
اقرأ أيضًا
ترامب: غواصاتنا النووية حيث يجب أن تكون تحسبًا لاستفزازات روسيا
وأكدت الوكالة أن هذا الارتفاع الحاد قد يتسبب في موجة من الإنهاك الحراري، خاصة لدى كبار السن وذوي الحالات الصحية المزمنة، وهو ما دفع السلطات الصحية إلى إصدار تحذيرات عاجلة وتنبيهات للمواطنين لتوخي الحذر واتخاذ تدابير وقائية مناسبة.
استمرار الموجة حتى منتصف الأسبوع
بينما تشير التقديرات الأولية إلى أن الحرارة المرتفعة قد تبدأ في الانخفاض التدريجي اعتبارًا من مساء الأربعاء، لم تستبعد الهيئة الوطنية للأرصاد احتمال استمرار الموجة حتى مطلع الأسبوع المقبل، خاصة في المناطق الواقعة جنوبي البلاد، التي غالبًا ما تسجل أعلى درجات حرارة في مثل هذا التوقيت من العام.
وقد تساهم التيارات الهوائية القادمة من شمال إفريقيا في تعزيز موجة الحر، لا سيما في ظل وجود ضغط جوي مرتفع يسيطر على شبه الجزيرة الإيبيرية، وهو ما يمنع تشكل السحب أو الأمطار التي من شأنها تخفيف حدة الحرارة.
السلطات تُطلق خطط الطوارئ
ومع تصاعد المؤشرات الجوية، بدأت السلطات المحلية والإقليمية في تفعيل خطط الطوارئ المناخية، حيث تم تجهيز مراكز تبريد مؤقتة في المدن الكبرى، وتكثيف حملات التوعية التي تحث السكان على تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس بين منتصف النهار والساعة الخامسة مساءً، والبقاء في أماكن مكيفة قدر الإمكان.
كما تم تعزيز تواجد فرق الإسعاف والطوارئ في الشوارع والميادين العامة، فيما جرى توجيه المستشفيات للاستعداد لاستقبال حالات محتملة للإجهاد الحراري أو ضربات الشمس، والتي غالبًا ما تزداد خلال موجات الحر الشديدة.
مخاوف من آثار بيئية وزراعية
وبعيدًا عن الجانب البشري، أعربت الجهات الزراعية والبيئية عن قلقها من التأثيرات المحتملة لموجة الحر على المحاصيل الصيفية، خاصة الزيتون والكروم وبعض محاصيل الخضراوات التي تزدهر خلال هذا الوقت من العام، كما حذرت من ارتفاع مستويات الأوزون الأرضي وتراجع جودة الهواء في المناطق الحضرية، وهي عوامل تزيد من المخاطر الصحية على الفئات الضعيفة.
الصيف الأوروبي يواصل مفاجآته
تُعد موجة الحر الجديدة جزءًا من نمط مناخي أوسع يطال أجزاءً متعددة من أوروبا هذا الصيف، وسط مؤشرات متزايدة على أن تغير المناخ يلعب دورًا مباشرًا في تضاعف وتيرة وحدة الظواهر المناخية المتطرفة، سواء كانت موجات حر، أو أمطار غزيرة، أو عواصف مفاجئة.
ويرى خبراء المناخ أن ما تشهده إسبانيا حاليًا ليس استثناءً، بل مرآة لواقع جديد يتطلب من الحكومات والمجتمعات التفكير في تدابير طويلة الأجل للتكيف مع الحرارة الشديدة، في ظل توقعات بأن تصبح هذه الظواهر أكثر تكرارًا وحدة في المستقبل القريب.