بين ركام البيوت وصدى الطائرات، يبحث الفلسطينيون في غزة عن شيء بسيط: رغيف خبز، أو كيس دقيق، أو جرعة ماء. في مشهد يتكرر يوميًا، تمتد طوابير الجوعى لساعات طويلة، يترقبون شاحنة إغاثة قد لا تصل أبدًا، أو تصل وتغادر قبل أن تفرغ حمولتها. على الجانب الآخر من هذا المشهد المأساوي، تصر إسرائيل على الحديث عن “تسهيلات إنسانية” و”ممرات آمنة”، لكن الحقائق على الأرض تروي قصة مختلفة.
فتح المعابر وتسهيل وصول المساعدات
ورغم إعلان الاحتلال في 27 يوليو عن فتح المعابر وتسهيل وصول المساعدات، إلا أن التقارير الأممية وثّقت استمرار عمليات إطلاق النار والقصف، حتى في محيط مناطق توزيع المعونات. في يومين فقط، هما 30 و31 يوليو، قُتل 105 فلسطينيين وأصيب أكثر من 680، أثناء محاولاتهم الوصول إلى قوافل الإغاثة في شمال غزة وجنوب خان يونس.
بحسب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فإن القيود الإسرائيلية المفروضة على المعابر واستخدام التجويع كأداة للحرب، تندرج تحت جرائم الحرب، وقد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية إذا استُخدمت كجزء من هجوم ممنهج ضد المدنيين. المكتب أكد أيضًا أن الحصار أدى إلى تراجع خطير في كميات الغذاء والدواء التي تدخل القطاع، مما فاقم الأزمة إلى مستويات غير مسبوقة.
وتشير الإحصائيات الصادمة إلى أن أكثر من 1,373 فلسطينيًا لقوا حتفهم منذ أواخر مايو أثناء محاولاتهم الوصول إلى الطعام، بينهم كبار سن وأطفال ومرضى. بعضهم سقط في محيط ما تُسمى بـ”مؤسسة غزة الإنسانية”، التي تديرها قوات الاحتلال، والبعض الآخر على طرق القوافل التي باتت هدفًا مباشرًا للقناصة.

في مشهد مأساوي متكرر، تُجبر العائلات على الاختيار بين الموت برصاص الاحتلال أو الموت جوعًا. كبار السن والعجزة، الذين لا يستطيعون الوصول إلى نقاط التوزيع، يموتون بصمت في بيوتهم المنهارة. أطفال يعانون من الهزال الحاد، ونساء يبحثن عن أي مصدر طعام يسد رمق أسرهن.
العمل الإغاثي
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) حذّر من أن العمل الإغاثي لا يمكنه وحده معالجة هذه الكارثة، ما لم يُسمح بدخول الإمدادات التجارية وتوفير بيئة آمنة لفرق الإغاثة. وشدد على أن المدنيين لا يجب أن يُجبروا على المخاطرة بحياتهم للحصول على الغذاء.
أما فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فقال إن منع الإمدادات الأساسية لفترات طويلة قد عمّق من الانهيار الإنساني في غزة، مؤكدًا أن السبيل الوحيد لتفادي مزيد من الموت والمعاناة هو فتح الطرق أمام المساعدات فورًا، وبدون قيد أو شرط، وتتعالى الأصوات المنادية بمحاسبة الاحتلال، بينما يواصل العالم صمته، وتبقى غزة تدفع الثمن، وحدها، كما في كل مرة.
اقرأ أيضًا:
دول عربية وإسلامية ترفض خطة إسرائيل للسيطرة على غزة وتصفها بـ”تصعيد خطير وانتهاك للقانون الدولي”