أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطة لإعادة فتح سجن “ألكاتراز” سيئ السمعة، بعد إعادة بنائه وتوسيعه بشكل كبير، ليصبح منشأة فيدرالية مخصصة لاحتجاز “أكثر المجرمين قسوة وعنفًا” في الولايات المتحدة.
وجاء هذا الإعلان عبر منشور نشره على منصته الاجتماعية “تروث سوشيال”، في خطوة اعتبرها كثيرون إشارة إلى توجه أكثر صرامة في السياسة الجنائية، خاصة بعد سلسلة التغييرات الأخيرة في إدارته، من بينها إقالة مستشار الأمن القومي مايك والتز الأسبوع الماضي.
ترامب وخطة لإعادة فتح سجن “ألكاتراز”
وفي منشوره، قال ترامب إن الولايات المتحدة “عانت من مجرمين وحشيين وعنيفين ومتكرري الإجرام”، مضيفًا أنه في وقت كانت فيه البلاد “أكثر جدية”، لم تتردد في سجن أخطر المجرمين في منشآت شديدة الحراسة.
وأشار إلى أن إعادة فتح سجن ألكاتراز سيكون بمثابة “رمز للقانون والنظام والعدالة”، ووجّه أوامره لمكتب السجون، بالتنسيق مع وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي، للمضي قدمًا في هذه الخطوة.
اقرأ أيضًا
الهند تحظر استيراد السلع الباكستانية بعد هجوم دموي في كشمير
سجن ألكاتراز
يُعتبر سجن ألكاتراز أحد أشهر السجون في تاريخ الولايات المتحدة، حيث افتتح رسميًا كمؤسسة فيدرالية في عام 1934، بعد أن كان موقعًا عسكريًا منذ منتصف القرن التاسع عشر.
ويقع السجن على جزيرة معزولة قبالة ساحل سان فرانسيسكو، وتحيط به تيارات بحرية قوية ومياه باردة من المحيط الهادئ، ما جعله في نظر السلطات مكانًا “مستحيلاً للهروب”.
وعلى مدى 29 عامًا من تشغيله، احتضن السجن عددًا من أبرز المجرمين الأمريكيين، من بينهم رجل العصابات الشهير آل كابوني، والمجرم جورج “ماشين غن” كيلي.
14 محاولة للهرب
شهد السجن محاولات هروب عديدة، بلغت 14 محاولة من قبل 36 سجينًا، لكن جميعهم تقريبًا إما تم القبض عليهم أو لقوا حتفهم أثناء محاولة الفرار.
وأكثر هذه المحاولات شهرة وغموضًا كانت في عام 1962، حين تمكن ثلاثة سجناء من الفرار عبر فتحات التهوية، قبل أن يختفوا في مياه الخليج، ولم يُعثر عليهم قط.
وقد أُغلق السجن عام 1963 بسبب تدهور بنيته التحتية وارتفاع تكاليف صيانته مقارنة بالسجون الأخرى، ليُحوَّل لاحقًا إلى مزار سياحي شهير تديره هيئة المتنزهات الوطنية، ويستقطب آلاف الزوار سنويًا.
اكتسب ألكاتراز مكانة أسطورية في الثقافة الشعبية، وظهر في عدد من الأعمال السينمائية، أبرزها فيلم “الصخرة” (The Rock) من بطولة شون كونري ونيكولاس كيج، حيث جسد الفيلم صورة السجن كحصن منيع لا يمكن اقتحامه أو الفرار منه.
واليوم، تعود هذه الصورة الرمزية إلى الواجهة مع إعلان ترامب، الذي يسعى إلى استثمارها سياسياً كدليل على عودة الدولة إلى الحزم والانضباط في وجه الجريمة المنظمة.
وفيما لم تُعلن بعد تفاصيل الجدول الزمني لإعادة الافتتاح، أكد متحدث باسم مكتب السجون الفيدرالي أن الوكالة “ستلتزم بجميع الأوامر الرئاسية” الصادرة بهذا الخصوص.
وتجدر الإشارة إلى أن المكتب يشرف حاليًا على 16 منشأة شديدة الحراسة، من بينها السجن الفيدرالي في فلورنس بولاية كولورادو، والذي يحتجز بعضًا من أخطر المجرمين الأمريكيين، وسجن تير هوت في إنديانا، حيث توجد غرفة الإعدام الفيدرالية.
نظم الرقابة داخل السجون
يأتي هذا الإعلان في وقت تخضع فيه وكالة إنفاذ القانون الفيدرالية الأمريكية لمزيد من التدقيق، خاصة بعد وفاة رجل الأعمال المتهم في قضايا تحرش جنسي، جيفري إبستين، الذي وُجد منتحرًا في زنزانته بسجن فيدرالي في نيويورك عام 2019، ما كشف عن ثغرات كبيرة في نظم الرقابة داخل السجون، وأثار جدلاً واسعًا بشأن مدى كفاءة هذه المنشآت في ضمان الأمن والنظام.
إعادة فتح سجن ألكاتراز ليست مجرد قرار إداري، بل تحمل أبعادًا سياسية وثقافية وأمنية، إذ يسعى ترامب من خلالها إلى ترسيخ صورته كقائد يعيد “الهيبة” إلى مؤسسات الدولة، ويبعث برسالة قاسية إلى المجرمين بأن العقاب سيكون على قدر الجريمة.
وفي ظل الأجواء الانتخابية الساخنة، قد يكون لهذه الخطوة وقع خاص لدى شريحة من الناخبين الباحثين عن الأمن والاستقرار، في مقابل انتقادات متوقعة من منظمات حقوق الإنسان والمدافعين عن إصلاح النظام الجنائي الأمريكي.