شهدت العاصمة الفرنسية باريس صباح الأحد حادثة استثنائية هزّت الأوساط الثقافية والأمنية، بعدما نفّذ عدد من اللصوص عملية سطو محكمة داخل متحف اللوفر، أحد أهم المعالم الفنية في العالم، استهدفوا خلالها مجوهرات نادرة تعود إلى عهد نابليون والإمبراطورة أوجيني.
وبحسب التحقيقات الأولية، وقعت عملية السرقة بين الساعة 9:30 و9:40 صباحاً، أي خلال عشر دقائق فقط، قبل أن يلوذ الجناة بالفرار على متن دراجات نارية من طراز T-Max.

تفاصيل عملية السطو داخل متحف اللوفر
وفق مصادر أمنية فرنسية، استخدم اللصوص مصعد شحن داخلي للوصول إلى قاعة أبولو الشهيرة داخل المتحف، حيث تُعرض بعض من أندر مجوهرات الإمبراطورية الفرنسية.
وكان أفراد العصابة مزودين بمنشار كهربائي صغير وأدوات قطع دقيقة مكّنتهم من تحطيم واجهات العرض الزجاجية دون إطلاق إنذارات أمنية قوية.
وأكدت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي، عبر حسابها على منصة “إكس”، أن “السرقة وقعت صباح اليوم عند افتتاح المتحف”، مشيرة إلى عدم تسجيل أي إصابات، مضيفة: “أنا في الموقع مع موظفي المتحف والشرطة، والتحقيقات جارية لتحديد المسؤولين عن الحادث.”
وبالتزامن، أعلن متحف اللوفر عبر موقعه الإلكتروني إغلاق أبوابه “لأسباب استثنائية” طوال يوم الأحد، فيما فرضت الشرطة طوقاً أمنياً حول الموقع وأغلقت البوابات المطلة على نهر السين.
كيف نفّذ اللصوص العملية؟
بحسب ما أوردته قناة BFMTV الفرنسية، وصلت العصابة إلى المنطقة على متن دراجات نارية وتمركزت على جانب النهر، حيث تُجرى حالياً أعمال صيانة في المبنى.
واستغلّ اللصوص هذه الأعمال للدخول من منطقة غير مؤمنة بشكل كافٍ، مستخدمين رافعة صغيرة موضوعة على شاحنة للوصول إلى إحدى النوافذ الجانبية المؤدية إلى قاعة العرض.

وكشف وزير الداخلية الفرنسي لوران نونيز، في مقابلة مع إذاعة فرانس إنتر، أن العملية “نُفّذت بدقة متناهية واستغرقت نحو سبع دقائق فقط”، موضحاً أن اللصوص ركزوا على خزانتين للعرض تحويان مجوهرات لا تُقدّر بثمن.
وقال نونيز: “هذه سرقة كبرى بكل المقاييس. اللصوص استخدموا معدات احترافية ودخلوا من الخارج بواسطة رافعة. ما تمت سرقته لا يقدّر بثمن.”
المجوهرات المسروقة| كنوز من عهد نابليون والإمبراطورة أوجيني
ووفقاً لمصدر من داخل المتحف، فقد تمكن الجناة من سرقة تسع قطع فنية نادرة من مجموعة نابليون والإمبراطورة أوجيني، بينها تاج ملكي، عقد فاخر، وبروش مرصّع بالألماس والزمرد.

ومع ذلك، أكدت إدارة المتحف أن ألماسة “الريجنت” الشهيرة، التي تُعد من أبرز مقتنيات اللوفر ويبلغ وزنها أكثر من 140 قيراطاً، لم تُسرق.
وفي تطور لاحق مساء الأحد، أفادت وكالة فرانس برس نقلاً عن مصدر قريب من التحقيق، أنه تم العثور على تاج الإمبراطورة أوجيني بالقرب من المتحف، ويضم التاج 1354 ماسة و56 قطعة زمرد، وهو أحد التيجان الإمبراطورية الفرنسية التاريخية.
اقرأ أيضًا:
البرتغال تقر قانون حظر النقاب في الأماكن العامة| وجدل واسع بين مؤيد ومعارض
فتح تحقيق في “السرقة المنظمة”
أعلن مكتب المدعي العام في باريس فتح تحقيق رسمي في الحادثة بتهمة “السرقة ضمن عصابة منظمة والتآمر الإجرامي لارتكاب جريمة”.
وقد كُلّفت فرقة مكافحة السرقات الكبرى (BRB) التابعة للشرطة القضائية بالتحقيق، لتحديد هوية الجناة ومسار هروبهم.
وأكد بيان لوزارة الداخلية الفرنسية أن “جميع الوسائل وُضعت لاستعادة المسروقات في أقرب وقت ممكن”، مشيرة إلى أن التحقيق يجري بالتعاون مع شرطة الحدود ووحدات مكافحة الجريمة المنظمة.
كما أقرّ وزير الداخلية لوران نونيز بوجود “ثغرات أمنية في أنظمة المتاحف الفرنسية”، قائلاً: “لا يمكننا منع كل شيء، لكننا نبذل قصارى جهدنا للوصول إلى الجناة في أسرع وقت ممكن، وأنا متفائل.”
وأضاف أن السلطات لا تستبعد أن يكون الجناة من جنسيات أجنبية، موضحاً أن مستوى التنظيم في العملية يشير إلى “عصابة محترفة ذات خبرة في سرقة القطع الفنية”.

اللوفر يغلق أبوابه وتحذيرات من سرقات فنية جديدة
من جانبه، حذر أحد المحققين من أن حادثة متحف اللوفر “قد تشجع عصابات أخرى على تنفيذ سرقات مشابهة”، مشيراً إلى أن المتاحف الأوروبية الكبرى تواجه منذ سنوات تهديدات متزايدة من شبكات تهريب الأعمال الفنية.
ويُعد متحف اللوفر في باريس أكثر المتاحف زيارة في العالم، حيث يستقبل سنوياً أكثر من 10 ملايين زائر، ويضم بين جدرانه روائع فنية مثل لوحة الموناليزا وتمثال فينوس ميلو ومجموعات من المجوهرات الملكية الفرنسية.