بدأ الأطباء يسلطون الضوء على تقنية بسيطة وغير مكلفة قد تشكل مفتاحًا للحفاظ على صحة الدماغ والذاكرة مع التقدم في العمر، وهي المشي للخلف.
فرغم أنها تبدو للوهلة الأولى حركة غير مألوفة، إلا أن الأدلة العلمية الناشئة تشير إلى أنها ليست مجرد نشاط غريب، بل تمرين فعال يجمع بين تنشيط العقل وتقوية الجسم في آن واحد.
وتكمن الفكرة الأساسية في أن المشي العكسي يضع الدماغ أمام تحدٍّ غير اعتيادي، إذ يجبره على العمل بتركيز أكبر لمعالجة المعلومات الحسية وتنسيق الحركة، الأمر الذي يؤدي إلى تحفيز مناطق مهمة في الدماغ.
تأثير إيجابي على الذاكرة والوظائف الإدراكية
أظهرت الدراسات أن المشي للخلف ينشط قشرة الفص الجبهي، وهي المنطقة المسؤولة عن المهام العقلية المعقدة مثل حل المشكلات والذاكرة العاملة والمنطق.
والأكثر إثارة أن مجرد تخيل فعل المشي للخلف، حتى أثناء الجلوس دون حركة، قد أدى في إحدى الدراسات إلى تحسن في أداء الذاكرة.
وفي دراسة حديثة أُجريت في الهند على مجموعة من كبار السن، تبيّن أن التدريب المنتظم على المشي العكسي لمدة ستة أسابيع فقط أدى إلى تحسن ملحوظ في القدرات الإدراكية لديهم، حيث انتقلوا من نطاق “الضعف الإدراكي الخفيف”، الذي يُعتبر مؤشراً مبكراً لاحتمال الإصابة بالخرف، إلى النطاق “الطبيعي”.
ورغم أن هذا التحول يبدو بسيطاً من الناحية الرقمية، إلا أنه يحمل دلالة عميقة على إمكانية الحفاظ على الاستقلالية وجودة الحياة في مراحل متقدمة من العمر.
اعتبارات السلامة وطرق الممارسة
ونظرًا للتحديات المرتبطة بالرؤية والتوازن أثناء المشي للخلف، يؤكد الخبراء على ضرورة ممارسة هذا التمرين في بيئة آمنة.
ويوصى باستخدام جهاز السير الكهربائي لضمان الاستقرار وتجنب المخاطر، فيما يمكن لمن لا يمتلكون الجهاز الاستعانة بشريك يساعدهم على تحديد المسار وتجاوز العوائق.
هذا الحرص على توفير ظروف آمنة يجعل التجربة أكثر فعالية ويقلل من احتمالية التعرض للإصابات، خصوصًا لدى كبار السن الذين قد يعانون من مشاكل في التوازن.
فوائد بدنية وصحية شاملة
ولا تقتصر فوائد المشي العكسي على تعزيز الإدراك العقلي، بل تمتد إلى تحسين اللياقة البدنية بشكل عام. فهو يعمل على تقوية عضلات الظهر والساقين، وتحسين مرونة أوتار الركبة، ودعم صحة المفاصل، إضافة إلى دوره في تخفيف آلام أسفل الظهر.
كما أن الجسم يستهلك طاقة أكبر بنسبة تصل إلى 40% عند ممارسة المشي للخلف مقارنة بالمشي العادي، ما يجعله وسيلة فعالة لحرق السعرات الحرارية.
والأهم بالنسبة لكبار السن أن هذه الممارسة تعزز الإحساس العميق بوضعية الجسم، مما يدعم التوازن والثبات ويقلل من خطر السقوط، الذي يعد من أبرز التحديات الصحية في هذه المرحلة العمرية.
اقرأ ايضًا…ثورة في الطب .. إبطاء مرض عصبي وراثي قاتل لأول مرة