أكد وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبدالعاطي أن الحرب في قطاع غزة تقف الآن أمام منعطف حاسم يمكن أن ينهي الصراع الدامي أو يفتح الباب أمام استمراره إلى أجل غير مسمى، وهو ما قد يقود إلى عواقب أكثر كارثية على الشعب الفلسطيني والمنطقة بأسرها.
وأوضح أن اللحظة الراهنة تتطلب قرارات شجاعة من جميع الأطراف، حيث إن كل تأخير يعني المزيد من الدماء والمآسي الإنسانية التي تتفاقم يومًا بعد يوم.

تفاصيل المبادرة المصرية–القطرية
في مقال رأي نشره بموقع Washington Examiner الأمريكي تحت عنوان في مفترق طرق في غزة: لماذا يُعد اتفاق وقف إطلاق النار لحظة فاصلة، استعرض عبدالعاطي ملامح المقترح المصري–القطري الذي يقوم على وقف إطلاق نار مؤقت يمتد ستين يومًا، يتم خلالها تهيئة الظروف للتوصل إلى اتفاق دائم يضع حدًا للحرب.
ويتضمن المقترح إطلاق سراح عشرة محتجزين إسرائيليين واستعادة جثامين ثمانية عشر قتيلًا، مقابل الإفراج عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. كما يسمح الاتفاق بإدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى غزة تشمل الغذاء والأدوية والمستلزمات الطبية التي يحتاجها السكان بشدة بعد أشهر من الحصار والمعاناة.
وأشار عبدالعاطي إلى أن حركة حماس قد أعلنت موافقتها على المبادرة، ما يعني أن الكرة الآن في ملعب إسرائيل التي سيكون عليها أن تختار بين السير في طريق الحل أو استمرار التصعيد العسكري الذي لم يحقق حتى الآن سوى المزيد من الخسائر.
اقرأ أيضًا
رهائن تحت النار.. العائلات تضغط.. ونتنياهو ماضٍٍ في التصعيد
الدور المصري في مواجهة الكارثة الإنسانية
استعرض وزير الخارجية الجهد الإنساني الضخم الذي تبذله مصر للتخفيف من محنة الفلسطينيين في غزة. وأوضح أن القاهرة قدمت ما يزيد عن سبعين في المائة من إجمالي المساعدات التي وصلت إلى القطاع منذ اندلاع الحرب، بما يعادل أكثر من خمسمائة وخمسين ألف طن من الغذاء والدواء والإمدادات الطبية. وقد شارك في هذا الجهد ما يقرب من خمسة وثلاثين ألف متطوع مصري يعملون بشكل منظم بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري.

كما فتحت مصر مستشفياتها أمام آلاف المصابين، حيث استقبلت نحو ثمانية عشر ألفًا وخمسمائة وستين فلسطينيًا ما بين جرحى ومرافقين، وتم توزيعهم على مائة واثنين وسبعين مستشفى في مختلف المحافظات لتلقي الرعاية الطبية.
وأشار عبدالعاطي إلى زيارته الأخيرة للجانب المصري من معبر رفح حيث شاهد آلاف الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية مصطفة على الحدود تنتظر العبور، مؤكدًا أن الجانب المصري ظل مفتوحًا دائمًا بينما حال الاحتلال الإسرائيلي للجانب الفلسطيني من المعبر دون تدفق هذه الإمدادات الحيوية. وأضاف أن تقارير الأمم المتحدة والوكالات الدولية تؤكد أن غزة تواجه مجاعة فعلية نتيجة هذا الوضع.
خطة لإعادة الإعمار والتعافي المبكر
ولم يقتصر حديث الوزير على الهدنة والمساعدات الإنسانية، بل كشف عن استعداد مصر لاستضافة مؤتمر دولي يناقش التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة بمجرد التوصل إلى وقف إطلاق النار. وأوضح أن هذا المؤتمر سيعتمد على خطة من ثلاث مراحل أقرّتها القمة العربية في مارس الماضي، وتركز على إعادة البناء وضمان بقاء الفلسطينيين على أرضهم دون تهجير قسري.
وأكد أن مصر ترى أن إعادة الإعمار يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من أي اتفاق سلام، لأنها تمثل الطريق نحو التعافي والاستقرار وتمنح الشعب الفلسطيني الأمل في حياة كريمة بعد سنوات من الدمار.
نداء إلى المجتمع الدولي
في ختام مقاله شدد عبدالعاطي على أن المقترح المصري–القطري يقدم مسارًا معقولًا وعقلانيًا للمضي قدمًا، داعيًا المجتمع الدولي إلى دعمه وعدم تفويت هذه الفرصة التاريخية. وأكد أن التعايش المشترك يحتاج إلى رؤية بعيدة المدى وشجاعة سياسية والتزام حقيقي بإنهاء دائرة العنف التي تلتهم المنطقة منذ عقود.
وأضاف أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط لن يكون إنجازًا محليًا فحسب بل سيعد علامة فارقة على مستوى الجهود الدولية، مشيرًا إلى أن نجاح هذه المبادرة سيشكل إضافة بارزة إلى مساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتعزيز السلام والاستقرار العالمي.