كشفت السلطات النيجيرية، يوم السبت، عن صدور أحكام بالسجن تتراوح بين 10 و30 عاماً مع الأشغال الشاقة، بحق 44 شخصاً أدينوا بتهم تتعلق بتمويل أنشطة إرهابية لصالح جماعة «بوكو حرام» المتطرفة، وذلك في إطار سلسلة محاكمات بدأت هذا الأسبوع في قاعدة عسكرية بولاية النيجر وسط البلاد.

وأكد آبو مايكل، المتحدث باسم وكالة مكافحة الإرهاب النيجيرية، في بيان رسمي، أن المحاكمات جرت أمام أربع محاكم مدنية استثنائية، شُكلت خصيصاً للنظر في ملفات المتهمين، وتم تنظيمها داخل قاعدة “كاينجي” العسكرية، بهدف تأمين سير المحاكمة في ظروف مشددة أمنياً.
جزء من دفعة أوسع لمحاكمة متهمين بالإرهاب
أوضح مايكل أن هؤلاء المدانين هم ضمن مجموعة تضم 54 متهماً مثلوا أمام المحاكم، بعد توقف طويل دام أكثر من سبع سنوات، حيث كانت المحاكمات قد توقفت في عام 2017، ضمن مسار قضائي معقد شمل أكثر من ألف مشتبه به، يُعتقد أن لهم صلات مباشرة أو غير مباشرة بتنظيم «بوكو حرام» الذي يخوض منذ عام 2009 تمرداً مسلحاً لإقامة ما يسميه «دولة الخلافة» في شمال شرقي نيجيريا.
ووفقاً للمتحدث، فإن أحكام السجن الصادرة تتراوح ما بين 10 و30 عاماً، وتشمل تنفيذ الأشغال الشاقة كجزء من العقوبة، وهو ما يعكس توجه السلطات إلى التشديد على من تورطوا في دعم الإرهاب المالي واللوجستي، حتى وإن لم يشاركوا في القتال بشكل مباشر.
785 قضية إرهاب حُسمت.. و10 فقط قيد الانتظار
وأضاف مايكل أن نيجيريا اختتمت حتى الآن 785 قضية متصلة بالإرهاب، تشمل اتهامات بتمويل الجماعات المسلحة، وتقديم الدعم اللوجستي، والانتماء لمنظمات محظورة، إلى جانب جرائم القتل والاختطاف والتخريب، وأشار إلى أن هناك عشر قضايا أخرى لا تزال معلّقة، ومن المقرر البت فيها في وقت لاحق.
نيجيريا تحت المجهر الدولي بسبب تقصيرها في مكافحة غسل الأموال
تواجه نيجيريا ضغوطاً متزايدة من جهات رقابية دولية، بعد أن تم إدراجها على ما يُعرف بـ«القائمة الرمادية» الخاصة بمراقبة الدول المقصّرة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهي القائمة التي تشمل دولاً مثل جنوب السودان، جنوب أفريقيا، موناكو، وكرواتيا.
وقد انتقدت تقارير دولية أداء نيجيريا في ضبط مصادر التمويل المشبوهة، سواء عبر النظام المصرفي الرسمي أو من خلال شبكات غير رسمية تعمل في الظل، وتُسهّل نقل الأموال إلى الجماعات المتطرفة.
اقرأ أيضًا
ترامب يلوّح بسحب جنسية الممثلة روزي أودونيل رغم الحظر الدستوري
40 ألف قتيل ومليونا نازح منذ بداية التمرد
منذ انطلاق تمرد جماعة «بوكو حرام» عام 2009، دخلت نيجيريا في دوامة عنف أدت إلى مقتل أكثر من 40 ألف شخص، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، كما تسبب الصراع في نزوح نحو مليوني شخص داخل البلاد، معظمهم من ولايات شمال شرقي البلاد مثل بورنو ويوبي وأداماوا.
ولم يقتصر العنف على الأراضي النيجيرية فقط، بل امتد إلى الدول المجاورة، مثل الكاميرون وتشاد والنيجر، ما أجبر هذه الدول على تعزيز التعاون العسكري فيما بينها لمكافحة خطر الجماعة.
ماضي المحاكمات الجماعية: إعدامات وسجن مدى الحياة
وكانت نيجيريا قد أطلقت أول سلسلة من المحاكمات الجماعية لأعضاء «بوكو حرام» في أكتوبر 2017، داخل نفس القاعدة العسكرية، حيث تم آنذاك محاكمة المئات خلال فترة استمرت 5 أشهر، وأسفرت عن إصدار أحكام قاسية شملت الإعدام، والسجن المؤبد، وأحكاماً بالسجن تتراوح بين 20 و70 عاماً.
وشملت تلك القضايا تهماً خطيرة، من بينها القتل الجماعي للمدنيين، وخطف النساء والأطفال، وتدمير المرافق الدينية والبنية التحتية في مناطق النزاع.
انتقادات حقوقية: اعتقالات تعسفية ومحاكمات غير عادلة
رغم جهود الدولة في ملاحقة المتطرفين، وجّهت منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية، انتقادات شديدة للجيش النيجيري بسبب اعتقاله الآلاف من المدنيين بشكل تعسفي، وقالت هذه المنظمات إن العديد من المعتقلين احتُجزوا لفترات طويلة دون توجيه تهم رسمية أو تمكينهم من الحصول على محامين، ما يُعد انتهاكاً صارخاً لمبادئ العدالة وحقوق الإنسان.