فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوم جمركية بنسبة 100% على جميع الأفلام التي تُنتَج خارج الولايات المتحدة وتُعرض في السوق الأمريكية، في خطوة جديدة ضمن حملته لإعادة هيكلة الاقتصاد الأمريكي.
وجاء هذا الإعلان ضمن منشور على منصته “تروث سوشيال“، حيث عبر ترامب عن قلقه العميق من تدهور صناعة السينما الأمريكية، واصفًا إياها بأنها “تشهد موتًا سريعًا”.
رسوم جمركية بنسبة 100%
وأكد ترامب أن هذه الخطوة تأتي كرد على ما وصفه بـ”جهد منسق من دول أخرى”، تسعى من خلال تقديم حوافز مغرية إلى جذب صُنّاع الأفلام واستوديوهات الإنتاج بعيدًا عن الولايات المتحدة.
واعتبر أن هذا التوجه لا يمس الاقتصاد فحسب، بل يُشكل أيضًا “تهديدًا للأمن القومي”، مبررًا بذلك قراره بتكليف وزارة التجارة ومكتب الممثل التجاري الأمريكي ببدء تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة على الفور.
الإعلان الأخير للرئيس الأمريكي يأتي ضمن سلسلة من المبادرات التي أطلقها خلال الأيام الأخيرة، والتي شملت أيضًا دعوته لإعادة فتح سجن ألكاتراز سيئ السمعة في سان فرانسيسكو كمركز احتجاز للمجرمين العنيفين، في مؤشر واضح على سعيه لتكثيف الخطاب الأمني والاقتصادي في آنٍ واحد.
وقد أثارت هذه التحركات موجة من الجدل داخل الأوساط السياسية والثقافية، خاصة في ظل ترقب الانتخابات المقبلة.
رسوم جمركية: جمعية الأفلام السينمائية الأمريكية
رغم أن ترامب لم يوضح تفاصيل آلية فرض الرسوم الجديدة أو مدى شمولها، إلا أن القرار يطرح تساؤلات جدية حول مصير الإنتاجات السينمائية الدولية المشتركة، مثل فيلم “المهمة المستحيلة: الحساب الأخير” المرتقب، الذي جرى تصويره في مواقع متعددة تشمل الولايات المتحدة ودولًا أخرى.
ويُخشى أن تؤدي هذه الرسوم إلى تعقيدات إضافية أمام شركات التوزيع والعرض، وتُقيد حركة الإنتاجات الهوليوودية ذات الطابع العالمي.
تشير بيانات جمعية الأفلام السينمائية الأمريكية إلى أن صناعة السينما الأمريكية لا تزال قوية على مستوى التصدير، حيث بلغت قيمة صادراتها 22.6 مليار دولار خلال عام 2023، وسجلت فائضًا تجاريًا قدره 15.3 مليار دولار، ما يجعل القطاع مصدرًا حيويًا للدخل القومي الأمريكي.
ورغم ذلك، يبدو أن إدارة ترامب ترى أن استمرار نقل مواقع التصوير إلى الخارج، بحثًا عن تكاليف أقل أو تسهيلات ضريبية، يُضعف من قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على هيمنتها الثقافية والاقتصادية في هذا المجال.
وتأتي هذه الخطوة في إطار حملة أوسع أعلن عنها ترامب الشهر الماضي لمواجهة ما وصفه بـ”الاختلال الكبير في الميزان التجاري”، حيث فرض رسومًا أساسية بنسبة 10% على الواردات من دول أخرى، ورفع الرسوم على السلع الصينية إلى 145%.
ويبدو أن السينما لم تعد بمنأى عن هذه الحرب الاقتصادية، بل تحولت إلى ساحة جديدة من ساحات المواجهة.
رسوم جمركية: تراجع مكانة صناعة السينما الأمريكية
ليست هذه المرة الأولى التي يُعبر فيها ترامب عن استيائه من تراجع مكانة صناعة السينما الأمريكية. قبل توليه الرئاسة، عيّن ثلاثة من أبرز نجوم هوليوود – ميل جيبسون، وجون فويت، وسيلفستر ستالون – سفراء رمزيين لهوليوود.
وتعهد آنذاك بإعادة هوليوود “أكبر وأفضل وأقوى من أي وقت مضى”. وقد ترافق هذا الطموح مع سلسلة من التصريحات التي تنتقد ما يعتبره تسييسًا مفرطًا في الصناعة وتخليًا عن القيم الأمريكية.
تواجه صناعة السينما والتلفزيون الأمريكية تحديات متراكمة، خاصة في أعقاب جائحة كوفيد-19، وما تبعها من اضطرابات في الإنتاج، وإضرابات نقابات هوليوود في عام 2023، فضلًا عن الحرائق التي اندلعت في لوس أنجلوس، وأثرت على مواقع التصوير.
وبحسب بيانات شركة “برود برو”، انخفض إجمالي الإنتاج في القطاع بنسبة 26% في عام 2023 مقارنة بعام 2021، ما يُعد مؤشرًا مقلقًا لصُنّاع القرار في واشنطن.
وفي ختام إعلانه، صرح ترامب للصحفيين خارج البيت الأبيض أن دولًا أجنبية “تسرق قدرات صناعة الأفلام الأمريكية”، في إشارة إلى ما يراه تهديدًا خارجيًا مباشرًا لصناعة تعتبرها الولايات المتحدة ركيزة أساسية لقوتها الناعمة عالميًا.
وبينما يرى البعض في هذه الإجراءات حماية للاقتصاد الوطني، يرى آخرون أنها قد تؤدي إلى عزلة ثقافية، وتضر بالمكانة العالمية للسينما الأمريكية التي لطالما تميزت بانفتاحها وتنوعها.