دعا المستشار الألماني فريدريش ميرتس، اليوم الجمعة، دول الاتحاد الأوروبي إلى تسريع خطواتها لتعويض التأخر في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك خلال تدشين أول حاسوب فائق في القارة قادر على تنفيذ مليار مليار عملية حسابية في الثانية.
وأكد ميرتس، خلال كلمته في بلدة يوليش قرب كولونيا، أن الولايات المتحدة والصين تتصدران السباق العالمي في اقتصاد يعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن ألمانيا وأوروبا تمتلكان الإمكانيات والفرص التي تؤهلهما للحاق بالركب إذا ما تم الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وتعزيز الابتكار العلمي.
واعتبر أن الأمر لا يقتصر على المنافسة الاقتصادية فحسب، بل يتعلق كذلك بأمن أوروبا واستقلاليتها الاستراتيجية في المستقبل.
“جوبيتر”.. إنجاز تقني غير مسبوق في القارة
يقع الحاسوب العملاق الجديد “جوبيتر” في مركز أبحاث بمدينة يوليش غربي كولونيا، على مساحة تناهز نصف ملعب كرة قدم، ويضم صفوفاً من المعالجات فائقة القوة مدعومة بنحو 24 ألف شريحة من شركة “نفيديا” الأميركية، الرائدة عالمياً في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويمثل “جوبيتر”، الذي تصل قوته إلى ما يعادل نحو مليون هاتف ذكي يعمل في آن واحد، طفرة كبيرة في قدرات الحوسبة الأوروبية، كونه أول حاسوب فائق في القارة ينافس على المستوى العالمي في مجال تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
ويرى الخبراء أن امتلاك أوروبا مثل هذه القدرة الحسابية يضعها على خريطة المنافسة العالمية، ويمنحها فرصة للاستقلال عن الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة والصين في مجالات التكنولوجيا المتقدمة.
استثمارات ضخمة واستخدامات متعددة
تبلغ التكلفة الإجمالية للحاسوب العملاق “جوبيتر” حوالي 500 مليون يورو (ما يعادل 580 مليون دولار)، ويُفتح المجال أمام الباحثين في مجالات متعددة للاستفادة من إمكانياته الهائلة.
وتتجاوز استخداماته تطوير الذكاء الاصطناعي لتشمل ميادين استراتيجية أخرى مثل إصدار توقعات مناخية أكثر دقة تساعد في التنبؤ بالظواهر الجوية المتطرفة، بالإضافة إلى دعم الأبحاث الطبية المتقدمة التي تتعلق بدراسة الأمراض وتطوير العلاجات، فضلاً عن المساهمة في مشاريع التحول في مجال الطاقة نحو مصادر أكثر استدامة.
ويُنتظر أن يسهم هذا الاستثمار الضخم في تعزيز دور أوروبا كقوة علمية وتكنولوجية على الساحة العالمية.
خطوة لتعزيز القدرة التنافسية والأمن التكنولوجي
أكد ميرتس في كلمته أن إطلاق “جوبيتر” يمثل بداية مرحلة جديدة من الاستقلالية الرقمية لأوروبا، مشدداً على أن القارة بحاجة إلى قدرات حوسبة مستقلة تضاهي ما تمتلكه الولايات المتحدة والصين من إمكانيات.
وأضاف أن امتلاك مثل هذا الحاسوب الفائق لا يعزز القدرة التنافسية لألمانيا وأوروبا فقط، بل يسهم في حماية أمنها القومي وضمان موقعها الريادي في اقتصاد المستقبل.
ويُنتظر أن يشكل “جوبيتر” نقطة تحول في مسيرة القارة نحو تعزيز سيادتها الرقمية واللحاق بركب المنافسة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.