شهدت مراسم تشييع حسن نصر الله حضور جماهيري كبير، فقد تجمّع عشرات الآلاف من مناصري حزب الله، اليوم الأحد، في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، للمشاركة في مراسم تشييع مهيبة للأمين العام السابق للحزب، حسن نصر الله، والقيادي البارز هاشم صفي الدين، وذلك بعد أشهر من اغتيالهما في غارات إسرائيلية استهدفت مواقع تابعة للحزب.
جنازة شعبية حاشدة لـ تشييع حسن نصر الله
أقيمت مراسم تشييع حسن نصر الله في مدينة كميل شمعون الرياضية، حيث امتلأت المدرجات والكراسي الإضافية التي أعدها المنظمون، والتي تتسع لأكثر من 78 ألف شخص، وفقًا لتقارير وكالة “فرانس برس”. كما تم تخصيص 35 ألف مقعد للرجال و25 ألف مقعد للنساء في الساحات الخارجية، والتي ضاقت بالحشود الغفيرة التي توافدت من مختلف المناطق.

رفع المشاركون صور نصر الله ورايات حزب الله، بينما بُثت مقتطفات من خطاباته السابقة عبر شاشات عملاقة، مما أثار مشاعر الحزن بين الحاضرين الذين لم يتمكن كثيرون منهم من حبس دموعهم.
مسيرة النعشين وسط الهتافات
شُقّ طريق نعشي نصر الله وصفي الدين، المحمولين على شاحنة رُفع عليها العلم اللبناني وراية حزب الله، وسط هتافات عشرات الآلاف من المناصرين الذين رددوا “لبيك يا نصر الله” و”إنا على العهد يا نصر الله”، وهو الشعار الذي اختاره الحزب لهذه المناسبة.
حضور رسمي ودولي بارز
حضر المراسم وفد إيراني رفيع المستوى ضم رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف، ووزير الخارجية عباس عراقجي، ونائب قائد الحرس الثوري علي فدوي، وأكد عراقجي في مؤتمر صحفي بمطار بيروت الدولي أن “المقاومة حية وستحقق النصر”، مشيرًا إلى أن التشييع المهيب يرسل رسالة واضحة للعالم بأن حزب الله ما زال قويًا.
من جهته، غاب الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام عن مراسم تشييع حسن نصر الله، حيث مثلهم رئيس البرلمان نبيه بري ووزير العمل محمد حيدر.
جرت المراسم وسط إجراءات أمنية مشددة خلال مراسم تشييع حسن نصر الله نفذها آلاف عناصر حزب الله والأجهزة الأمنية اللبنانية، كما تم تعليق الرحلات الجوية في مطار بيروت لمدة أربع ساعات.

غارات على جنوب لبنان خلال مراسم التشييع.. ومقاتلات إسرائيلية تحلق فوق الجنازة
في تصعيد جديد، شنت إسرائيل عدة غارات جوية على جنوب لبنان، تزامنًا مع مراسم التشييع، ما أسفر عن إصابة فتاة بجروح، وفقًا لما ذكرته الوكالة الوطنية للإعلام. كما حلّق الطيران الإسرائيلي على علوّ منخفض فوق بيروت وضواحيها، في خطوة استفزازية تزامنت مع التوترات المتصاعدة في المنطقة.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه استهدف موقعًا عسكريًا ادعى احتوائه على قذائف صاروخية ووسائل قتالية، مشيرًا إلى أنه تم رصد أنشطة لحزب الله بداخله.
وقال المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، عبر منصة إكس: “أغار الجيش قبل قليل على موقع عسكري يحتوي على قذائف صاروخية ووسائل قتالية داخل لبنان، بعد رصد أنشطة لحزب الله في داخله، كما تمت مهاجمة عدة منصات صاروخية لحزب الله في جنوب لبنان، شكلت تهديدًا على مواطني إسرائيل”.
وزعم أدرعي أن أنشطة حزب الله تمثل “خرقًا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان، وتهديدًا لأمن إسرائيل ومواطنيها”، مشددًا على أن الجيش الإسرائيلي سيواصل عملياته لإزالة أي تهديد محتمل.
ووفقًا لـ الوكالة الوطنية للإعلام، نفّذت إسرائيل غارات جوية على عدة مواقع جنوبية، شملت: (المنطقة الواقعة بين بلدتي القليلة والسماعية في قضاء صور – الوادي المجاور لبلدة معروب التابعة لقضاء صور – منطقة النهر بين بلدتي الحلوسية والزرارية – منطقة مريصع في أطراف بلدة أنصار).
وفي تطور لافت، حلّقت طائرات حربية إسرائيلية على علو منخفض فوق أجواء بيروت وضواحيها أثناء تشييع حسن نصر الله، مما دفع أحد المتحدثين في المراسم إلى توجيه رسالة قوية: “لن ترعبنا أصوات طائراتكم الخائبة”، ليردد الحشود خلفه: “الموت لإسرائيل”.

وفي هذا الصدد، علق وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس على تحليق الطائرات قائلًا: “تحليق طائراتنا فوق موقع تشييع نصر الله ينقل رسالة واضحة بأن من يهدد بتدمير إسرائيل ويهاجمها، هذه ستكون نهايته”.
إرث نصر الله واستمرار المقاومة
يأتي التشييع بعد نحو خمسة أشهر من اغتيال نصر الله، الذي قاد حزب الله لعقود وحوّله إلى قوة عسكرية ذات نفوذ إقليمي، وكان اغتياله ضربة قوية للحزب، لكن مناصريه يؤكدون أن مسيرة المقاومة ستستمر، فيما قال أحد المشاركين في التشييع: “نصر الله ليس مجرد قائد، بل رمز للمقاومة، وسنواصل المسيرة التي بدأها”.
وقد شكلت جنازة حسن نصر الله حدثًا بارزًا في المشهد اللبناني والإقليمي، حيث تجسدت فيه مشاعر الولاء للمقاومة والرفض للتهديدات الإسرائيلية، وفي الوقت الذي يبدو فيه أن حزب الله يواجه تحديات كبيرة، فإن الحشود الحاشدة التي شاركت في التشييع تؤكد أن إرث نصر الله ما زال حيًا في قلوب مناصريه.
اقرأ أيضًا:
أسير إسرائيلي يعكس وجهًا آخر للحرب.. يقبّل رأس مقاتلي حماس على منصة التسليم في غزة