يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإصدار أمر تنفيذي تاريخي يقضي بإلغاء مجموعة كبيرة من العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة مثيرة للجدل وصفها مسؤولون أميركيون بأنها “إلغاء كامل لهيكل العقوبات”.
ترامب يستعد لإلغاء شامل للعقوبات المفروضة على سوريا
ووفقًا لما نقله موقع المونيتور عن مصادر مطلعة في الإدارة الأميركية، فإن القرار المرتقب يأتي في إطار تعهد ترامب برفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، في وقت تسعى فيه البلاد للتعافي من حرب أهلية استمرت لأكثر من عقد من الزمان.
ومن المتوقع أن يوقّع ترامب على الأمر التنفيذي خلال الأيام القليلة المقبلة، في خطوة تُعد الأكبر من نوعها منذ فرض العقوبات على دمشق عام 2011، والتي تم توسيعها لاحقًا عام 2020 بموجب “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين” الذي أُقر بإجماع الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وكانت إدارة ترامب قد أعلنت في 23 مايو عن الموجة الأولى من تخفيف العقوبات، والتي شملت إصدار ترخيص عام يسمح للمواطنين الأميركيين بالتعامل المالي مع كيانات حكومية سورية، مثل البنك المركزي السوري، وشركة النفط الوطنية، وشركة الطيران السورية.
كما كشفت وزارة الخارجية الأميركية عن تعليق مؤقت لقانون قيصر لمدة ستة أشهر، وهو ما اعتُبر تمهيدًا للإجراء الأكبر المرتقب.
لقاء تاريخي مع الرئيس السوري
في تحول لافت على الصعيد الدبلوماسي، ناقش ترامب الشهر الماضي في الرياض ملف العقوبات مع الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال أول اجتماع بين زعيمي البلدين منذ أكثر من 25 عامًا. وأفادت مصادر بأن اللقاء كان “إيجابيًا” ومهد الطريق أمام هذه الخطوة غير المسبوقة.

إعادة الإعمار وعودة سوريا للنظام المالي العالمي
يُتوقع أن يؤدي رفع العقوبات إلى تسريع جهود إعادة إعمار سوريا، التي عانت من دمار هائل في بنيتها التحتية واقتصادها نتيجة الحرب. وأشار محافظ البنك المركزي السوري إلى أن البلاد ستُعاد ربطها بنظام “سويفت” العالمي للمدفوعات المالية خلال أسابيع قليلة، وذلك بعد حرمانها من الوصول إليه لأكثر من عقد.
من جهته، وصف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خطوة الانخراط مع سوريا وتخفيف العقوبات بأنها “ضرورية لتفادي انهيار الحكومة السورية ومنع انزلاق البلاد مجددًا نحو الحرب الأهلية”.
جدل داخلي وردود فعل متوقعة
من المرجح أن تثير هذه الخطوة جدلًا واسعًا داخل الولايات المتحدة وخارجها، في ظل وجود معارضة قوية لأي تقارب مع النظام السوري، خاصة من قبل جماعات حقوق الإنسان وبعض المشرّعين الذين يرون أن رفع العقوبات دون إصلاحات سياسية حقيقية قد يُفقد واشنطن أوراق الضغط المتبقية.
مع ذلك، تصر إدارة ترامب على أن القرار يمثل تحولًا استراتيجيًا في السياسة الأميركية بالمنطقة، ويهدف إلى خلق أرضية لاستقرار طويل الأمد في سوريا والحد من النفوذ الإيراني والروسي هناك.

قانون قيصر: أداة العقوبات الأقسى ضد دمشق
صدر قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين في عام 2019 ودخل حيّز التنفيذ في منتصف عام 2020، كجزء من جهود الولايات المتحدة للضغط على النظام السوري ومحاسبته على انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت خلال سنوات الحرب. استند القانون إلى آلاف الصور المسربة التي وثقت تعذيبًا وقتلًا في سجون النظام، على يد من أصبح يُعرف باسم “قيصر”، وهو مصور عسكري منشق.
يتيح القانون للإدارة الأميركية فرض عقوبات صارمة على أي فرد أو كيان يدعم النظام السوري ماليًا أو تقنيًا، بما في ذلك الشركات الأجنبية، ويمتد تأثيره إلى حلفاء النظام من روسيا وإيران. وقد تسبب القانون في خنق الاقتصاد السوري بشكل غير مسبوق، كما ساهم في عزلة دمشق عن النظام المالي العالمي.
وبتعليق العمل بالقانون مؤقتًا، كما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، تكون واشنطن قد فتحت الباب أمام مراجعة شاملة لسياستها تجاه سوريا، في خطوة تمهّد لإعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين.
اقرأ أيضًا:
إدارة ترامب تفرض حظر سفر جديد يشمل 12 دولة وسط ردود فعل غاضبة