أفاد صندوق النقد الدولي في تقريره المحدث عن “آفاق الاقتصاد العالمي” أن النمو الاقتصادي العالمي سيبقى ثابتًا عند نسبة 3.3% خلال عامي 2025 و2026، متماشيًا مع الاتجاهات التي أظهرت تباطؤًا منذ ما قبل جائحة “كوفيد-19”.
صندوق النقد الدولي يتوقع انخفاض معدل التضخم العالمي
وفي المقابل، يتوقع التقرير أن ينخفض معدل التضخم إلى 4.2% في 2025 و3.5% في 2026، وهو مستوى يقترب من أهداف البنوك المركزية، ما يعزز مرونة السياسات النقدية عالميًا.
وأشار التقرير إلى أن هذه التوجهات قد تسهم في إنهاء الاضطرابات الاقتصادية التي سيطرت على المشهد خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك تداعيات الجائحة والحرب الروسية-الأوكرانية، التي تسببت في أكبر موجة تضخم خلال أربعة عقود.
الاقتصاد الأمريكي يقود التعافي.. وأوروبا تواجه تحديات
كشف المستشار الاقتصادي ومدير إدارة البحوث في الصندوق، بيير أوليفييه غورينشا، أن فجوات الأداء الاقتصادي بين الدول باتت تتسع بشكل ملحوظ، رغم استقرار التوقعات العالمية. وأشار إلى أن الولايات المتحدة برزت كاستثناء بين الاقتصادات المتقدمة، حيث استفادت من قوة الطلب المحلي.

بناءً على ذلك، رفع الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي إلى 2.7% هذا العام، بزيادة 0.5 نقطة مئوية عن التقديرات السابقة. في المقابل، تُواجه منطقة اليورو تحديات متزايدة، إذ من المتوقع أن يرتفع النمو إلى 1% في 2025، مقارنة بـ0.8% العام الماضي. ولا يزال قطاع التصنيع الأوروبي يعاني من تراجع الثقة وتأثير صدمات أسعار الطاقة، حيث تبقى أسعار الغاز أعلى بخمس مرات مقارنة بالولايات المتحدة، مما يضيف ضغوطًا على الاقتصادات الأوروبية.
اقتصادات ناشئة تستقر وسط تباينات كبرى
ظلت توقعات النمو في الأسواق الناشئة عند مستوياتها السابقة، إذ يتوقع أن تسجل نموًا بنسبة 4.2% في 2025 و4.3% في 2026. وذكر التقرير أن حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية والاقتصادية قد أسهمت في ضعف الطلب، لكن الصندوق يتوقع تعافي النشاط الاقتصادي تدريجيًا مع تراجع هذه الحالة.
وفي الصين، رفع الصندوق توقعاته للنمو إلى 4.5% في 2026، بزيادة 0.4 نقطة مئوية، مما يعكس انتعاشًا نسبيًا في الاقتصاد الصيني رغم التحديات.
مخاطر التباينات الاقتصادية
أكد غورينشا أن الاقتصاد الأميركي يعمل بأعلى من إمكاناته، بينما تواجه أوروبا والصين تحديات تشغيل دون القدرات المتاحة. وحذر من أن المخاطر قصيرة الأجل قد تفاقم التباينات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن منطقة اليورو قد تواجه تباطؤًا أكبر إذا زادت مخاوف الدين العام، مما قد يضع سياسات المنطقة النقدية والمالية في مأزق.
أما في الصين، فقد يؤدي ضعف السياسات المالية والنقدية إلى ركود ناتج عن انكماش الدين، مما يزيد من ضغوط النشاط الاقتصادي. وقد أظهرت الأسواق قلقًا متزايدًا إزاء هذه التحديات، ما انعكس في انخفاض عائدات السندات الصينية.
مخاطر تضخم جديدة في أمريكا
وفي الولايات المتحدة، قد تؤدي التحولات السياسية المرتبطة بالإدارة الجديدة إلى زيادة التضخم على المدى القصير. ويُتوقع أن تسهم بعض السياسات، مثل التيسير المالي، في رفع الطلب الكلي وزيادة الإنفاق، بينما قد تؤدي سياسات أخرى مثل فرض قيود على الهجرة إلى ضغوط على العرض.
وأشار التقرير إلى أن ارتفاع التضخم قد يمنع الاحتياطي الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة، بل قد يستلزم زيادتها، مما يعزز من قوة الدولار ويزيد العجز التجاري الأميركي. وتسبب هذا السيناريو في تشديد الشروط المالية عالميًا، وهو ما بدأت الأسواق في استيعابه مع ارتفاع الدولار بنسبة 4% منذ نوفمبر الماضي.
هذه التوقعات تسلط الضوء على ملامح المشهد الاقتصادي العالمي خلال العامين المقبلين، وسط تباينات واضحة بين الاقتصادات الكبرى وتحديات متجددة في الأسواق الناشئة.
اقرأ أيضًا: