في تقييم يعكس تناقضاً بين القوة الاقتصادية والمخاطر السياسية والأمنية، أعلنت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني تثبيت تصنيف إسرائيل الائتماني عند مستوى “A”، لكن مع الإبقاء على نظرة مستقبلية سلبية بسبب تزايد الدين العام والتوترات الداخلية واستمرار الضبابية حول الصراع في غزة.
تصنيف إسرائيل الائتماني
الاقتصاد بين القوة والتحديات: أشادت الوكالة بتنوع الاقتصاد الإسرائيلي وقوته، خاصة في قطاع التكنولوجيا المتقدم، كما أكدت على متانة الوضع المالي الخارجي بفضل الاحتياطيات الكبيرة والفائض في الحساب الجاري.

التمويل والدين العام: على الرغم من نجاح إسرائيل في إصدار سندات “يوروبوند” بقيمة 5 مليارات دولار مطلع 2025، حذّرت “فيتش” من ارتفاع الدين العام إلى 73% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2026، مقابل 68% حالياً.
السياسة والصراع: سلط التقرير الضوء على عدم الاستقرار الحكومي الداخلي وتأثيره على السياسات العامة، بالإضافة إلى التهديدات الأمنية المستمرة في غزة، والتي قد تستمر أشهراً مع عمليات عسكرية مكثفة، مما يزيد الضغوط على الميزانية.
السيناريوهات المستقبلية
تخفيض تصنيف إسرائيل الائتماني: قد تتراجع التصنيفات في حال تفاقم الوضع الأمني أو فشل الحكومة في كبح ارتفاع الدين.
الإجراءات الحكومية: تتجه إسرائيل لخفض العجز عبر زيادة الضرائب وترشيد الإنفاق، لكن التقلبات السياسية قد تعيق هذه الخطط.
رغم تمسك “فيتش” بتثبيت تصنيف إسرائيل الائتماني “A”، فإن تحذيراتها تكشف هشاشة الوضع الإسرائيلي أمام أي صدمات أمنية أو مالية. المشهد الآن يرتهن بمسار الحرب في غزة وقدرة الحكومة على تجنب انزلاق الاقتصاد إلى مزيد من المخاطر.
الحرب في غزة تُدمر الاقتصاد الإسرائيلي
رغم الادعاءات الإسرائيلية المتكررة عن “تحقيق نصر كامل” في غزة، إلا أن الأرقام الاقتصادية تكشفصورة قاتمة تعكس فاتورة الحرب الباهظة التي تدفعها إسرائيل، ليس فقط على الأرض، بل أيضًا في الأسواق المالية.
وكشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في تقرير لها أواخر العام الماضي عن انكماش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 1.5% منذ بداية الحرب، مع تراجع حاد في الصادرات والاستثمارات، مما أثر مباشرة على الناتج المحلي الإجمالي.
ولم تكتفِ الحرب بإضعاف النمو، بل دفعت وكالات التصنيف العالمية الكبرى (موديز، ستاندرد آند بورز، فيتش) إلى خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل للمرة الأولى منذ سنوات، بسبب ارتفاع العجز في الموازنة إلى مستويات خطيرة، واستنزاف الإنفاق العسكري العملاق للاحتياطيات المالية.
مليارات تُحرق.. وأسعار فائدة ترتفع
وتشير التقديرات إلى أن تكلفة الحرب تجاوزت المليارات، مع إنفاق غير مسبوق على الوقود والمعدات العسكرية، خسائر شركة الكهرباء الإسرائيلية بمئات الملايين من الشواكل فقط لتأمين السولار في حالات الطوارئ، لكن الفاتورة الأكبر قد تكون قادمة: إذ ستتحمل إسرائيل تكاليف إعادة بناء غلاف غزة وتعزيز الأمن، والتي قد لا تغطيها المساعدات الدولية بالكامل.
تحذيرات صارخة: “نمو صفري في 2024”
في تنبؤات مثيرة للقلق، حذرت ستاندرد آند بورز من أن النمو الاقتصادي في 2024 قد يكون صفراً، كما أن التوقعات لعام 2025 لا تتجاوز 2.2% (أقل بكثير من المستويات السابقة).
رغم الخطاب السياسي المتفائل، يبدو أن الاقتصاد الإسرائيلي يدخل في نفق طويل من الركود، مع صعوبة الاقتراض بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، وعجز متوقع في الموازنة يُحطم الأرقام القياسية، فهل تكون الحرب في غزة هي الضربة القاضية للاقتصاد الإسرائيلي؟ أم أن حكومة نتنياهو ستتمكن من تفادي الانهيار؟ المشهد يتكشف في الأسابيع المقبلة.
اقرأ أيضًا:
تمويل منظمة التجارة العالمية.. خطوة جديدة من أمريكا تهدد النظام التجاري العالمي